• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
أكتر 10 عربيات اتباعوا في مصر من بداية 2018
الموضوع اللي فات
لبنان أكتر دولة عربية كثافة باللاجئين

"تراب الماس": الخط الرفيع بين أفلام النخبة والأفلام اللي شبهنا

حقق في خمس أيام عرض 5 مليون جنيه

يوم 3 أغسطس نزل الإعلان الرسمي لفيلم "تراب الماس" للمخرج "مروان حامد"، المأخوذ من رواية بنفس الإسم للكاتب "أحمد مراد". برغم إن الرواية أحسن عمل لـ "مراد" وأكثرهم تماسكًا على مستوى الحبكة والأحداث، وده بيسهِّل تحويلها لفيلم سينمائي، خصوصًا إن "مراد" له طابع سينمائي في كتاباته، إلا إن التريلر اللي مدته دقيقتين ماطلعش بأحسن شكل ممكن. قطعات سريعة، مزيكا عالية، جمل حوارية بتسلِّم بعضها بشكل لطيف، لكن في الآخر مابيوصلش الفيلم ده بيتكلم عن إيه بشكل كافي، على الأقل للي ماقرأش الرواية.

**مافيش حرق للأحداث**

أول يوم عيد وقاعة السينما باقي فيها 11 كرسي بالعدد، برغم إن الفيلم لا بيجسِّد قصة كفاح شاب في منطقة شعبية ولا فيه جرعة كوميديا تضحكك شوية وتنساها وأنت طالع. في نظري وفي اللحظة دي حسيت إن الفيلم نجح في أول اختبار. النقطة الأولى اتحسبت في صالح "مروان حامد" وفريق عمله وفيلم "تراب الماس"، لمَّا المشاهدين بدأوا يتوافدوا على السينمات من ليلة نزول الفيلم، قبل موسم عيد الأضحى بـ 4 أيام.

“الحكايات التي تنتهي، لا تنتهي ما دامت قابلة لأن تروى"، الجملة دي مش من رواية "تراب الماس"، لكنها من كتاب أثقل من رضوى: مقاطع من سيرة ذاتية لـ "رضوى عاشور". لو اتعاملنا مع الحكايات اللي بتتحول لأعمال سينمائية من المنطلق نفسه، هنلاقي إن مافيش حكاية جديدة 100% ماحدش اتكلم فيها قبلك تقدر تقدمها في فيلم. كل الأفكار مكررة واتعملت 100مرَّة. وده اللي حصل فـ فيلم "تراب الماس" اللي بيناقش بتعمق فكرة العدالة الفردية، ينفع حد ينصَّب نفسه قاضي ويعاقب مذنبين على أخطاءهم طالما هو متأكد إنهم مش هيتعاقبوا بالقانون؟ الفكرة دي طرحها "وحيد حامد" -أبو مخرج فيلم تراب الماس- من أكتر من 30 سنة في مسلسل إذاعي باسم "قانون ساكسونيا". والنهاردة بيفردها ابنه في فيلم مدته تجاوزت الساعتين.

رواية من حوالي 500 صفحة، اتحولت لنص سينمائي من كتابة مؤلف الرواية "أحمد مراد" وإخراج "مروان"، جملة ترجَّعنا لورا 4 سنين مع فيلم "الفيل الأزرق" اللي حقق نجاح جماهيري كبير وقتها، لكن على مستويات فنية كتير كان فيه مشاكل حاول "مراد" و"مروان" تداركه في تعاونهم التالت، بعد فيلم "الأصليين". ونجحوا بشكل كبير في تطوير أدائهم.

داخل الصندوق.. ذلك أفضل كثيرًا

نقطة قوة فيلم "تراب الماس" هي خلقه لخطوط اتصال مع كل واحد من اللي قاعدين يتفرجوا عليه في قاعة السينما. "طه" اللي بيقدم دوره "آسر ياسين" هو أكيد صاحب لحد فينا شفناه قبل كده، بهدومه الكبيرة على سنه وعزوفه عن العلاقات العاطفية، "محسن برجاس" البرلماني الفاسد مثال برضه مش غريب على حد فينا. حتى أغرب الخطوط، أو أكثرهم اقحامًا على مجتمعنا المتدين بطبعه زي ما البعض بيحب يشوف، وهو خط العلاقات المثلية بين "هاني برجاس" وشباب تانين، ماكنتش غريبة ومفاجأة أوي. الفيلم خرج للمشاهد العادي اللي عايز يروح يتفرَّج على فيلم يستمتع بيه ويخرج منه بفكرة بسيطة لا تعسِّفه زي "الأصليين" ولا يبقى فيها أحداث غير منطقية كتير زي "الفيل الأزرق"، وخروجه عادي كان سر نجاحه وتميزه.

مؤخرًا انتشرت فكرة الإعتماد على نص أدبي لتحويله للسينما أو التلفزيون، ورغم إن دي حاجة بتضايق مشاهدين كتير وبيشوفوا فيها مؤشر على ضعف المؤلفين الحالين، إلا إن مخرج الفيلم "مروان حامد" بيفضَّل يشتغل على نصوص أدبية زي ما قال في حواره معانا، ممكن تشوفوه من هنا، عشان بيبقى ضامن قوة الحدوتة وإنها نجحت بالفعل، فـ بيصب كل تركيزه على كيفية إخراج الحدوتة الناجحة دي وتنفيذها بشكل جيد، وده بيخليه يطلع منتج أفضل. بس هل ده اتحقق مع فيلم "تراب الماس"؟

الرواية: 1

الفيلم: 1

لمَّا سألنا "مروان" عن التغييرات اللي حصلت من الرواية للفيلم، قالنا إن الرواية متشعبة أكتر ومفصصة كل حاجة، وده طبعًا بيختلف في الفيلم وبيحصل عملية تكثيف للأحداث، كمان ممكن يتم حذف شخصية وإضافة أخرى طالما لا تخل بالسياق العام للنص الأدبي.

التكثيف في الفيلم كان من أقوى النقط، علاقات كاملة اتفردت في الرواية في مشاهد كتير لكن تم تكثيفها في الفيلم في مشهد أو اتنين، رغم كده فهم المشاهد طبيعة العلاقة ووصله إحساسها، زي مشهد الظابط "وليد" اللي لعب دوره ماجد الكدواني مع مراته. في الرواية بتشوف ورق كتير بيحكي لك عن الظابط اللي متجوز من طبقة اجتماعية أعلى منه وطول الوقت بيحاول يلبّي رغبات مراته، مش حبًا فيها، لكن عشان يريح دماغه ويحفظ شكله الاجتماعي، وبتشوف الزوجة اللي اختذلت علاقتها في جوزها في فلوسه وطلباتها. ده كله أظهره المخرج في مشهد واحد بس.

أما التغييرات كانت طفيفة جدًا لكن للأسف كارثية. خط "سارة" أصبح يميل للامنطقية سواء في شكلها وطريقة لبسها -حتى في مستشفى حكومي- أو في تصرفاتها مع "طه" اللي بتقرب منه رغم حبها الشديد لـ "شريف مراد".

وده أدى لإننا مانتعاطفش مع اللي بيحصلها بالدرجة الكافية، عكس ما حصل في الرواية. أما خط الإعلامي "شريف مراد" تم إضافته للفيلم لسبب ما في نفس المخرج، لكن كمشاهدة، إضافته مافرقتش بأي حاجة وكان إلى حد كبير حشو، زي المشهد اللي جمعه بـ "طه" واللي بدأ وانتهى الكلام فيه فجأة.

مؤلف الرواية والفيلم "أحمد مراد" قال في حواره معانا إنه كتب الفيلم 14 مرَّة، برغم كده فيه جمل محورية كتير منقولة من الرواية نصًا، وبرغم بلاغة الجمل دي، كنت متشوقة أسمع كلام جديد وأشوف مناقشة للرواية من زاوية جديدة، بدل ما الجمل تبقى بتتعاد بالنص.

القطعات السريعة اللي كانت سمة أساسية في التريلر مش هتقابلها كتير في الفيلم، اللي رغم طول مدته ووجود مشكلة في إيقاعه، بطئ في البداية وبعدين زخم أحداث قبل منتصف الفيلم ثم كروتة لمشهد النهاية بين "طه" و"وليد"، إلا إنك مش هتحس فيه بملل. على العكس، هتقابل في الفيلم مشاهد One shot زي مشهد إفاقة "طه" في المستشفى وعلمه بموت أبوه. كمان اللعب بزوايا التصوير اتعمل زي ما الكتاب بيقول، تحديدًا في مشهد المقابر اللي جمع "طه" بـ "وليد" وكان متقسم لـ High angle و Low angle للتأثير على نفسية المشاهد وازاي بيشوف كل شخصية من الاتنين. 

بما إن الفيلم بيتعرض لحالات تسمم وقتل، أتوقع إنه تم استشارة طبيب في المسائل الطبيّة، بس ده مامنعش وجود خطأ زي اللي حصل في مشهد زيارة "طه" لـ "محسن برجاس". الأخير كان متوصل بـ Monitor طبي مابيصدرش أي علامات أو قراءات، مش شغَّال يعني. بالإضافة لمشهد "طه" والدكتورة بتشرح له طبيعة إصابته، اللي كانت في الـ Temporal Lobe، بس خبطة "طه" طول الفيلم كان في مكان مختلف.

فيلم مافيهوش كومبارس

الإعلان التشويقي للفيلم كان بيبيع وبيعتمد على "رصة" نجوم ليهم وزنهم، ده هتشوفه أكتر في الفيلم اللي كله بلا مبالغة أسماء تقيلة، مافيش كومبارسات. حتى الشخصيات اللي ظهروا بيقولوا جملة واحدة واللي ظهروا في مشهدين أو تلاتة، كانوا برضه نجوم ليهم أسماء. بشكل كبير الكاستنج كان موفق، والمناقشة بين مين كان هيبقى أحسن في دور البطولة، آسر ياسين ولا أحمد حلمي، في مجملها بتصب في صالح "آسر" اللي اشتغل على نفسه لمدة سنتين للتحضير للدور، وده ظهر للمشاهد سواء في شكل الجسم أو طريقة المشي، أو إتقان عزف الدرامز اللي قال لنا "آسر" في حواره معانا إنه اتعلمه مخصوص للدور.

لو فيلم "تراب الماس" ممكن يبقى ليه أكتر من بطل، أكيد البطل التاني هيكون ماجد الكدواني، اللي قدم خلطته السحرية اللي بيجمع فيها الشر بالكوميديا في نفس اللقطة، وبشكل يخلّيك مش عارف تكرهه ولا تحبه عشان دمه خفيف وذكي.  

شيرين رضا ماقدمتش دور مختلف أو مفاجئ، ست ارستقراطية زي ما بتظهر عادةً، الجديد بس إنها كانت فاسدة، على الرغم من اعتيادنا عليها في "الستايل" ده إلا إنها قدمت مشاهدها القليلة بشكل جيد ومتقن وأحسن من أدوار أخيرة ليها. أحمد كمال، الراوي ومحور الأحداث، كان اختيار مميز وصوته له نغمة مميزة وآسرة. 

منة شلبي أدائها كان مبهم بدرجة كبيرة، يمكن ده بسبب المشاكل الرئيسية اللي في خطها. إياد نصَّار دخول شخصيته مقحم وده شئ كان مآثر على رؤيتي ليه طول الفيلم، لكنه أدى بشكل جيد. بيومي فؤاد ومحمد ممدوح قابلوا سقف توقعاتنا العالي رغم قلة مشاهدهم.

وظهور عزت العلايلي كان مناسب للدور، هو في الحقيقة بيتكلم بصعوبة بحكم السن، ودي صفة كانت في شخصية "محروس برجاس" برضه.

الدور الوحيد اللي "قلش" نسبيًا منهم كان للممثل الجيد جدًا عادل كرم، اللي أدى شخصية "هاني برجاس". "عادل" بطل فيلم عالمي وهو "القضية 23" اللي اترشح للأوسكار، مشكلتي معاه في "تراب الماس" هي لكنته الشامية الواضحة. إيه ضرورة إني أجيب ممثل غير مصري ولسه لم يتقن اللكنة المصرية عشان يعمل دور واحد مصري؟ النقطة دي يمكن تبريرها بإننا مانعرفش كتير عن خلفية "هاني" الثقافية واتربى وعاش فين.

السرد في الفيلم كان نمطي اللهم إلا الربع الأول واستخدام الألوان كان ذكي. فالفيلم بدأ بلقطة FlashForward لذروة الأحداث عشان تشد المشاهد، بعدين رجعنا FlashBack لفترة الخمسينيات، اللي ظهرت بالأبيض والأسود لتمييزها وإضفاء موود معين، وبعدين طلعنا للسبعينيات وفيها الألوان كانت بمسحة Vintage، وصولًا للحاضر بألوانه الباهتة عشان تناسب روح الفيلم.

في تجربته الخمسة، حاول "مروان حامد" يخاطب المشاهد العادي، بعيدًا عن التعرض للنخبة بس زي ما عمل فيلمه السابق "الأصليين". التجربة كانت ناجحة إجمالًا واختيار أكثر روايات "مراد" تماسكًا كان ذكي وقدر يخلق حالة من الاشتباك بين المتفرج والعمل.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home