• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
فن اختيار التوقيت: 8 أفلام فشلت في السينما رغم جودتها الفنية
الموضوع اللي فات
الحكومة رخصت 188 ألف توكتوك في 19 محافظة

"بنزل المياه أجيب جثث زمايلي": حوار مع أول غواص مصري بينتشل جثامين اللي غرقوا

أخوي راح مع الفجر لسه ما عاد لي أخوي بقعر البحر
الغواص المصري طارق عمر

في مكان ما في شمال شرق مصر، وسط الرمال الصفراء ومياه البحر الصافية الزرقاء، موجود قبلة الغواصين وجنة الرحالة من كل أنحاء العالم. المكان اللي بيغوص فيه مئات من البشر يوميًا، أغلبهم غواصين مُدرَّبين، البعض منهم بيطلع والبعض التاني لأ.  وورا كل غواص مابيطلعش أسرة وأحباب مستنين على الأقل جثمانه يظهر عشان يودَّعوه بطريقة تليق بيه، تريَّحهم وتريَّحه. وهنا بيجي دور الغواص المصري "طارق عمر" اللي بينتشل جثامين زملائه الغارقين من أخطر منطقة غوص في العالم،  عشان بيغرق فيها أكبر عدد من الغطَّاسين، تم تقديره لحد دلوقتي بـ 150 شخص لحد دلوقتي.

**

يا ليل احجبني، حجبني بعتمتك

يا ليل امليني، قويني بعتمتك

**

"طارق" شايف إنه بيعمل "مهمة"، زي ما بيحب يوصف شغله، والـ Blue Hole حافظه صم وفاكر أول رحلة نزلها فيه كأنها امبارح. بيقولنا وهو بيفتكر ذكرياته وبيحاول يختصرها في جملة واحدة: "أنا حافظه زي مطبخ بيتي". "الغطاس الأكبر" زي ما بيتقال على "طارق" غاص في الـ Blue Hole لأول مرَّة من 20 سنة، وكسر الرقم القياسي 209 متر.  

زي ما "طارق" مُلقَّب بـ "الغطاس الأكبر"، المنطقة معروفة بـ "مقبرة الغواصين"، قدامهم في دهب هتلاقي لوحة تذكارية فيها أسماء الـ 150 غواص اللي فقدوا أرواحهم فيها، نزلوا وماطلعوش غير على إيد "طارق". بيقول "طارق" إنه بطَّل يعد عدد الجثث اللي بينشتلها من البحر على أعماق مختلفة، بيفتكر اتنين منهم، غواصين تقنيين من أيرلندا، كونور أوريغان ومارتن غارا. "لقيت أجسامهم محبوسة في حفرة على عمق 12متر".

**

أخوي شاف السر شاف السر كان هيبوح

أخوي جوا الموج جوا الموج عم بينوح

**

مهمة "طارق" أصعب من كونه هيغوص على عمق مش قليل في منطقة غطس من أخطر من مناطق العالم، بيشرحلنا: "أنا بعمل ده بدون مقابل، والموضوع أصعب من أي مهمة غطس عشان بتغوص على عمق هائل وبتفضل في مكان واحد مطلوب منك تدوَّر على الرفات". بيوضح أكتر: "بنزل تحت، بمسح بعيوني المكان على قد ما أقدر وأمشي ورا أي علامة اتعرف من خلالها على مكان الجثمان، بعد ما أوصل لبقايا الجثمان بيبقى النص الأول من مهمتي خلص". الجزء التاني من المهمة، والأخير، بيكون صعوده ببقايا الجسد المتحلل لسطح المياه مرَّة تانية.

"طارق" مش أول غطاس في العالم يعمل على جمع رفات زملائه الغارقين، سبقه الغطاس الأسترالي ديف شو اللي يعتبر واحد من أشهر الغواصين، واللي غرق في كهف جنوب أفريقي على عمق 270 متر في كهف أثناء ما كان بيحاول يستعيد الرفات البشرية لغواص تاني.

سألنا "طارق" عن تعامله مع مخاطر المهنة، أو المهمة زي ما بيحب يسميها، وعن الخطوات اللي ممكن يعملها عشان يسهِّل مهمته تحت المياه، قالنا إن أول وأهم حاجة هي دراسة المكان المحتمل وجود الرفات فيه قبل ما ينزل، "كمان بحدد عوامل زي وزن الغطاس، الوزن اللي كان مربوط في بدلته، وإيه آخر مكان زملائه الغواصين شافوه فيه تحت المياه".

"أنا عندي 51 سنة بس لسه بوازن بين خطورة الموت وفائدة المساعدة المجانية اللي بقدمها". شرح بأريحية أكتر عن مهنته اللي اختارها من وهو طفل بيكبر في سيناء وسط الصحراء والمياه، "الحياة كلها مخاطر، ممكن أموت وأنا في بيتي مش لازم أكون في المياه. لكن الغوص علمني أحسب كل المخاطر اللي هتقابلني وماسيبش باب للصدفة". بيكمِّل "أنت تبذل أقصى ما عندك، يكون عندك انضباط كأنك عسكري، تحط خطة وتنفذها وتلتزم بيها 100%".

**

يا بحر رجعلي رجعلي أخوي

الموج سرقلي خطفلي أخوي

**

"طارق" بيحكيلنا عن بداية حبه للغوص، "في سيناء أحسن وسيلة ترفيه عندك هو البحر، دخلت مجال الغوص وتخصصت في الغوص التقني لإنه ماكانش شائع في مصر سنة 1994. وقتها ماكنش فيه مراكز غوص تقني معتمدة، وكنت أنا أول واحد فتح مركز سنة 1991".  بداية "طارق" مع الغوص كانت عن طريق الأساطير اللي بتقول إن في الـ Blue Hole فيه شبح لبنت انتحرت هناك، من وقتها هي اللي بتغري كل الغواصين عشان يروحوا وراها للأعماق ويموتوا. بيقول "طارق" عن أول مرَّة سمع الأسطورة دي، "أنا كبرت على الاستماع للحكايات دي، وبما إني كنت طفل وعندي فضول فـ قررت استكشف حقيقة المكان ده، وده اللي حصل وبقيت غواص".

لمَّا سألنا "طارق" عن أكتر القصص المؤثرة اللي عاشها في مهنته، قالنا إن قصة انتشال جثمان ورفات الغطاس الروسي الإسرائيلي "يوري ليبسكي" هي الأكثر ألمًا بالنسباله، وهي في نفس الوقت الحاجة الوحيدة اللي ندم عليها. إيه اللي حصل؟

بيحكلنا إن "ليبسكي" قرر يغوص على الرغم من نصيحة "طارق" ليه ومحاولاته للرجوع عن قراره، نزل ومارجعش. بعد يومين من استخراج "طارق" ليه، هو ومعداته وكل حاجة كانت معاه اللي من ضمنهم كاميرته الشخصية اللي كان مصوَّر عليها رحلته في المياه، من أول ما نزل ولحد ما غرق ووصل له "طارق" وخرَّجه هو والكاميرا. "أكتر حاجة ندمان عليها إني ماتأكدتش إن الكاميرا شغالة ولا لأ، وسلمت أم زميلي اللي غرق شريط مصور لرحلة ابنها من وهو على الشاطئ لحد لحظة ما غرق".

**

اخذته حد البحر خلي الموج يطهره

أخذته حد البحر دبغت الموج بدمه

**

الغوص التقني اللي بيحترفه "طارق" كان بيستخدم زمان في الحروب تحت المياه، هو عبارة عن طريقة غوص بتتطلب قدر كبير من اليقظة والتخطيط والدقة عشان يفضل على قيد الحياة في الرحلة المائية الخطرة اللي بينزل فيها أعماق أكتر من 40 متر. لمَّا طلبنا من "طارق" يوضحلنا أكتر عن وظيفته الأساسية قالنا، "الغوص التقني هو غطاس بيعتمد كليًا على نفسه تحت الماء، ومش شبه الغطس الترفيهي اللي بيكون وليد اللحظة مش لازم خطة طويلة وتحضير له".

**

أخوي راح مع الفجر

لسه ما عاد لي

أخوي بقعر البحر

**

على الرغم من إن الغوص التقني من الستينات بقى رياضة عادية مالهاش علاقة بالحرب ومش مسموح باستخدام السلاح فيها، إلا إنه لحد دلوقتي يعتبر رياضة غير شائعة وصعبة، خصوصًا في الكهوف. الـ Blue Hole قطرها 80 متر وعرضه 100 متر، فيها شعب مرجانية ومياهه ضحلة والإضاءة كويسة، والمفروض إنه غير مسموح بنزول الغواصين غير المعتمدين فيه، لكن الحقيقة إنه الشرط ده مابيتمش مراعاته أوي.

لمَّا سألنا "طارق" عن سبب ارتقاع معدلات الموت في الـ Blue Hole  تحديدًا، قالنا "مافيش أسباب خارقة وراء معدل الوفيات العالي، في النهاية السبب هو غواص متحمس ومش قابل حدود طبيعته البشرية". شرحلنا أكتر "الناس بتغوص وهما خايفين وعارفين إن دي منطقة موت، فـ أي مشكلة صغيرة تحصل بيصابوا بحالة هلع وتبدأ المشكلة الحقيقية حتى لو في الأساس مافيش حاجة تستاهل". طبعًا فيه أسباب غير الخوف البشري، بيقول "طارق" إن من ضمنها إن الهواء المضغوط بيبقى سام على عمق أقل من 30 متر، وده بيسبب حالة من الهلوسة والنشوة بتخلي الغطاس مندفع للغطس في أعماق أكبر". وفي أوقات تانية بيكون السبب عدم الإعداد والتخطيط، بيقول "طارق": "الغواصين لازم يعرفوا مقدار الهواء اللي بيستهلكوه على الأرض، والمقدار اللي هيستهلكوه تحت المياه".

اتعرف على "طارق عمر" أكتر من هنا.

اقرأ الموضوع الأصلي بالإنجليزي من هنا.

ترجمة: نور صلاح.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home