أشكال مقاومة الحرب في كل العالم، بتختلف من طريقة للتانية، بس تكاد تكون الطريقة الأجمل هي المقاومة بالفن، وتصوير الأوضاع السياسة بالرسم. من هنا بدأت "ملك مطر" صاحبة الـ 18 سنة، طريقها عشان تتكلم عن الأوضاع اللي بتحصل في بلدها، وتخف من أهوال الحرب في مسقط رأسها غزة، فـ عملت أول معرض فني ليها سنة 2014، وافتتحته بلوحة بتصوّر ست بتمد ايديها تحت أنقاض بيت دمرته الحرب.

من ورا شاشة كمبيوتر في شقتها في اسطنبول، بتتفرج "ملك" على 2 مليون فلسطيني في مسيرة العودة العظيمة، في احتجاجات اسبوعية بتطالب بإعادة اللاجئين لوطنهم، وفي ظل الظروف دي، اختارت "ملك" فُرشتها عشان يكون ده سلاحها للحد من الكوارث اللي حصلت تحت الحصار، في 2014، بين إسرائيل وقطاع غزة، اللي استشهد فيه 2100 فلسطيني.

"ملك" رسمت أكتر من 100 لوحة وتم عرض أعمالها الفنية في إسبانيا والهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، بتقولنا "ملك": "لما كنت صغيرة، ماحدش كان عارف إني موهوبة، وكانوا فاهمين إن موهبتي بسيطة، بس لما شافوا لوحاتي ومشاركاتي في المعارض الفنية في المدرسة، صدقوا موهبتي، وده كان حافز ليا عشان أكمل"

الوسيلة الوحيدة المتاحة اللي بتحاول "ملك" من خلاها إنها تروّج لفنها لأهل غزة عشان يعرفوا قصصهم هي مواقع التواصل الإجتماعي زي فيسبوك وتويتر، فـ بتشرحلنا: "بحاول أوصل رسوماتي لأكبر عدد من الناس، وبحاول أروج لها على فيسبوك وتويتر، واللي بيميزني إني لما بانشر أي لوحة رسمتها، باحكي القصة اللي وراها، وإيه اللي ألهمني لرسمها" وبتكمل: "الناس بيبقوا عارفين الأحداث اللي بتحصل لأهل غزة، لكن مابيعرفوش المشاعر اللي بيحسوا بيها"
"ملك" عملت حساب على تويتر وسمته "History of Palestine" عشان توصل لكل العالم القضية الفلسطينية وتوصلّهم معاناة شعبها. بالطريقة دي، "ملك" بقت مبعوثة فنية لغزة في عالم افتراضي مايعرفش كتير من الأحداث والمشاعر اللي بيتعرض لها أهل غزة.

الفنان التشكيلي الفلسطيني "مصطفى الحلاج" بيقول: "الفن بيعيش للأبد لو استخدمته لتمثيل شعبك وكفاحه"، فـ بتشرحلنا "ملك": "ماحدش يقدر يتخيل يعني إيه تفضل الحرب مستمرة ومابتوقفش، وإنك ممكن تموت في أي ثانية، بس أي حد ممكن يتخيل إحساسي باللي بيحصل لما يشوف رسوماتي".

تحدي مضاعف لما تشتغل في وقت بتعاني فيه غزة من القمع والانقسام الداخلي، وإن أهل غزة بين نارين، الإحتلال من ناحية وتطرف وتشدد حماس من ناحية تانية، والأخير ده بيقيد المرأة ومشاركتها في الحياة العامة. بتحكيلنا ملك: "لما كنت في غزة كنت محجبة بس مش عن اقتناع، بس ده مامنعنيش أكون انسان مبدع وبيفكر برَّه الإطار المرسوم ليا ومفروض عليا. لإن حرية التفكير هي الشكل الوحيد من الحرية اللي ماحدش يقدر ياخده منك"، وبتكمل: "وأنا في رأيي إن كل سجن في الأخر بيوصلك لحرية، باختلاف الطرق بس دايمًا نهاية السجن والكبت بتبقى الحرية"

بعد تحدي كبير قدرت "ملك" إنها تطلع المركز التاني على فلسطين والمركز الأول على قطاع غزة في الثانوية العامة - الفرع الأدبي بمجموع 99.3%، وقدرت في أواخر 2017، إنها تسافر لإسطنبول بعد ما اتفقت مع أهلها إن سفرها هيكون مقابل إنها تنجح بتفوق في الجامعة، وقدمت على الدراسة في جامعة "ايدين" في اسطنبول، بتقولنا: "عشان نكون واضحين، الخروج من غزة يُعتبر معجزة ولو سألت أي حد في غزة، إيه أحلامك؟ هيقولك إنه يمشي، لإن لما تكون في مكان مافيهوش مرافق أساسية زي الكهرباء والمياه، والبطالة في تزايد مستمر، ومفيش مستقبل واضح، يبقى الحياة وقتها بتكون تحدي كبير" وبتكمل: "الشخص بيكون عايز يحقق حاجات كتير وهو صغير سنًا، بس ده مالوش معنى في غزة، عشان نسبة البطالة أعلى من 80% ومفيش حاجة يبقى عندك طموح تجاهها، ولو حاولت تمشي أو تهاجر، ده بيكون شبه مستحيل".

الفن اللي بتقدمه "ملك" واجه نفس الإحباط اللي بيوصل له أي شخص في غزة، لما اضطرت تبيع لوحة بعنوان "Galaxy" اللوحة الأقرب لقلبها، لـ أسرة عايشة في بريستول بإنجلترا. بتحكيلنا ملك: "قررت أبيعها لما حسيت إنها ممكن تضيع أو تدمر أو قيمتها تقل وهي في غزة"

"ملك" دلوقتي مبعوثة فنية من فلسطين، بتمثل نضالات شعبها في كل العالم.

تقدر تقرأ المقال بالإنجليزي من هنا.