• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
فيفي عبده هتعمل برنامج ديني وهتصور مسلسل أمريكي
الموضوع اللي فات
شركة مياه الشرب والصرف الصحى هتحفر 30 بئر جوفي عشان تحل أزمة المياه في الصيف

رواية "جمهورية كأن": عمل أدبي ولا وثيقة تاريخية؟

مافيش حرق للأحداث

أديب معارض، عايش بره مصر، راجع للساحة الأدبية بعد غيبة 5 سنين برواية دور النشر المصرية "جابت ورا" لمَّا عرفت مضمونها ورفضوا نشرها، الكاتب بيقول انهم اتعرضوا لـ "ضغوط"، بعدها اضطر ينشرها من لبنان مع دار الآداب. دعاية مجانية وقوية لرواية "جمهورية كأن" للروائي "علاء الأسواني"، اللي اسمه لوحده بيبع. بعد ما نزلت بأيام كنت مخلصة نسختها الإلكترونية، وللعلم السرعة في الانتهاء منها ماكانتش لجودة المضمون ولا حاجة. بعد ما خلصتها كان السؤال الأبرز في دماغي: ليه اتمنعت وهي مافيهاش أي جديد بأي شكل؟ والوقائع المذكورة فيها كلها منقولة من منشيتات جرايد الحكومة قبل جرايد المعارضة في الوقت ده؟

تنويه: المقال مافيهوش حرق للأحداث

الراوية عمل أدبي ولا وثيقة تاريخية؟

الرواية في الأصل هي عمل أدبي يغلب فيه السرد على الحوار، وفي الرواية دي اعتمد "الأسواني" على المفهوم الأولي عن الرواية، إنها عبارة عن فعل "حكي"، وبدأ "الأسواني" في "حشو"مقالاته السياسية اللي سبق نشرها وشهادات ناس عاصرت الثورة ومرِّت بأحداث زي كشوف العذرية وماسبيرو، فـ هتلاقي صفحات كتير مفرود فيها شهادات "سميرة إبراهيم" وبنات كانوا معاها في الواقعة الشهيرة.

على طريقة الميكانو، وكعادته في طريقة سرده الأثيرة، مقسم الكاتب روايته السادسة لفصول مُرقَّمة، كل فصل بيتناول شخصية بيقوم بدور الراوي. وبيرمي الكاتب تفصيلة في كل فصل يخص كل شخصية يفضل مشوَّقك للفصل القادم المرتبط بالشخصية عشان تعرف هيحصل لها إيه. دي طريقته اللي بيستخدمها في كل روايات بداية من عمارة يعقوبيان ولحد نادي السيارات. بس في "جمهورية كأن" كنت منتظرة نشوف حاجة جديدة، بما إن الأحداث بالفعل معروفة وممكن نرددها عن ظهر قلب، إيه اللي هيخليني أقلب الصفحة عشان أعرف حصل إيه في قضية زي ماسبيرو؟ أو اقرأ للمرة التانية أو العاشرة شهادة حد كان في الحدث؟

وبما إن السياسة بتأثر في أي وكل حاجة، طبيعي تخرج روايات من رحم السياسة تعبَّر عن آراء كُتَّابها. وده مش شيء جديد بالمناسبة، زي رواية "صهاريج اللؤلؤ" لخيري شلبي ورواية "مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل اللي كانت بتوصف مسارات ما بعد الثورة بطريقة ساخرة عن طريق تقديم حياة مجموعة من الحيوانات، ورواية 1984 لنفس الكاتب اللي وصف فيها كيف يراقبك الأخ الأكبر.

من وسط قماشة الثورة وأحداثها وتغيرات جذرية حصلت للي شاركوا فيها واللي حتى ماشاركوش، خد "الأسواني" اللي على "وش القفص" واختار أكثر الزوايا كلاشيهية وتكرار وفرد منها أكتر من 500 صفحة. بشكل فكَّرني بمسلسلات رمضان 2011 اللي كلها "حشرت" مشهد للثورة حتى لو المسلسل مالهوش علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالثورة. لو اتفقنا جدلًا إن الرواية دي اتكتبت عشان توثَّق الأحداث، فـ برضه الكاتب ماتوفقش في أكتر من تفصيلة، منهم الإشارة لشخصيات عامة ماشاركتش في الثورة ولا في الهجمات اللي حصلت عليها في الواقع، لكنها في الرواية كان ليها دور ورأي صريح ماعرفش "الأسواني" عرفه ازاي؟

مش محتاج تكون نزلت الثورة وشفت سقوط شهداء عشان تعرف إن لما شهيد يتضرب برصاصة في الجمجمة ماحدش هيروح يجس النبض!

الشخصيات: صفر

الكلاشيهية: واحد

بعد نقطة الأحداث المكررة اللي باوصفها "بالكلاشيهية"، الكلاشيهية انتصرت للمرَّة التانية مع الشخصيات. الكاتب العالمي "لايوس إيغري" في كتابه "فن كتابة المسرحية"، وصف الشخصية بأبعادها الجسمانية، والاجتماعية، والنفسية. أقدر أقول إن أول عنصرين اتحققوا في رواية "الأسواني، لكن العنصر التالت والأهم، الأبعاد النفسية، تم التغافل عنه بشكل كبير، وطلعت معظم الشخصيات بتتصرف عشان "المخرج عايز كده" بدون وجود دوافع واضحة.

بعد توقف "الأسواني" 5 سنين وانغماسه التام في الأحداث الساسية لـ 7 سنين، كان من المتوقع، على الأقل بالنسبالي، إني أشوف الشخصيات من جوَّا أكتر من كده. البنت الجميلة المتدينة ظاهريًا الوصولية في نفس الوقت اللي بتتعمد جذب أصحاب السلطة جنسيًا عشان تتجوزهم "في الحلال"، الأب الحنين على بنته الوحيدة لكنه بعد الضهر بيعذب المساجين في أمن الدولة عادي، الشاب الثوري المكافح اللي بيحب بنت رئيس أكبر جهاز مخابرات في الدولة وبيحلم يتجوزها رغم إنها حتى مابتشاركهوش أفكاره الثورية. كل دي نماذج ممكن يبقى الأسواني شايفها حقيقية وموجودة، لكن كان ينقصها وجود أبعاد نفسية تظهر أسبابهم ودوافعهم.

لمَّا اتسأل "الأسواني" في حوار عن سبب كتابته للرواية، قال: "لقد عشت ثورة 25 يناير وقبلها يوماً بيوم. عشتها في الميدان وتأثرت بشخصيات عرفتها وألحّت عليَّ حتى أكتب عنها، وفي الرواية أطرح أسئلة حول علاقة المسلمين بالثورة، وربما تمتد إلى العالم العربي كله. الأسئلة فيها لأن كل العالم العربي يحيا نفس الظروف". في البداية تم رسم الشخصيات بطريقة تشمل كل الطوائف المجتمعية زي المسيحي "أشرف ويصا" والشيخ "شامل"، والتيارات السياسية والإيدولوجية، فـ في اليساري اللي اتخلى عن مبادئه وكفر بالثورة والتغيير بعد تعذيبه واتحول لشخصية فاسدة، والشباب من الطبقات المختلفة: البروليتارية والبرجوازية والأرستقراطية، زي "خالد مدني" و"مازن السقا" و"أسماء زناتي".  

الشخصيات كانت بتمثل فريقين؛ الخير والشر، من منظور طفولي وأقرب للمثالية غير الواقعية، أبيض أو أسود بدون وجود أي درجات للرمادي. شيخ السلطان واللواء اللي بيمثل النظام والمذيعة أداة النظام كلهم أشرار وبس، بينما على الجانب التاني طالب الطب المكافح وبنت اللواء الساذجة شخصيات بتمثل الخير المطلق. أكتر شخصية كسرت ثنائية الخير والشر دي كانت شخصية اليساري سابقًا الفاسد حاليًا "عصام شعلان"، مش هتعرف تحبه ولا هتعرف تكرهه، هتحط نفسك مكانه وحتى لو قدرت تختار طريق غيره، هتتفهم ضعفه واختياراته.

رواية "كأن"

في رواية "جمهورية كأن" حاول الأسواني تلخيص كتابيه "لماذا لا يثور المصريين" و"لماذا فشلت الثورة المصرية" بأسلوب درامي هو عارف إنه هيجذب شريحة قراء جديدة، فـ خرج بـ شبه رواية وأنا في أخر سطر منها افتكرت مقولة اتقالت في نهاية مسرحية "الإنسان الطيب في سيشوان" لـ "برتولت بريشت"، كاتب المسرحيات الألماني الشهير، بتقول: "نقف هنا مصدومين، نشاهد بتأثر الستارة وهي تغلق وما زالت كل الأسئلة مطروحة للإجابات"، والحقيقة إني مصدومة من الرواية بنفس قدر صدمتي من أحداثها المؤلمة.

في أخر الرواية كتب: "المصريون يعيشون في جمهورية كأن، إنهم يعيشون في مجموعة أكاذيب تبدو كلها كأنها حقيقية. يمارسون طقوس الدين فيبدون كأنهم متدينون، لكنهم في الحقيقة فاسدون تمامًا. كل شيء في مصر يبدو كأنه حقيقي، لكنه كذب في كذب".

اسم الرواية مأخوذ من عنوان لـ "الأسواني" في مارس 2014 كان بيصف الجمهورية بإنها جمهورية "كأن"،  بصراحة الإسم كان لطيف، واستنادًا عليه سمّيت الرواية بعد ما خلصتها "رواية كأن"، بما إنها لم تضيف في نظري لمسيرة الكاتب شيء، ولم تضيف لي كقارئة أي جديد عن حدث بأهمية ثورة يناير.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home