• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
محافظة القاهرة هتعمل طرق وأماكن لركن العجل
الموضوع اللي فات
حملة في تونس بتطالب بفتح القهاوي في نهار رمضان

رواية "برزخ": ازاي كاتب مزج ٤ أزمنة مختلفة في عمل أدبي واحد؟

الكاتب بدأ فيها وهو عنده 19 سنة

لمَّا بنسمع كلمة "برزخ" كل واحد بيبقى ليه تفسيره المختلف عن تفسير الشخص التاني. المتدينين شوية هيربطوا الكلمة بمعناها في آية سورة الرحمن؛ "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ" وهنا بيبقى مقصود بـ "برزخ" الحد الفاصل بين المياه المالحة والعذبة لما بيتقابلوا في نقطة. أما المعنى الفلسفي للكلمة هو الحد الفاصل بين الشيء ونقيضه في العموم، يعني بين الخير والشر، الحب والكره، إلخ. هل معنى من دول كان هو مُحرك الكاتب "محمد أحمد إبراهيم" لمَّا بدأ يكتب روايته الأولى "برزخ" وهو عنده 19 سنة؟ اتكلمنا معاه عشان نعرف إجابة السؤال ده وأسئلة تانية.

بيقولنا "محمد" إنه استخدم معنى البرزخ غير الجغرافي اللي يعني الفاصل بين العذب والمالح؛ "قصدت بيه بالبلدي كده الشعرة أو النقطة الفاصلة بين الحرب واللاحرب والكفر والإيمان وهكذا". كل ده عمله بشكل غير مباشر على حد تعبيره؛  "الرواية في أساسها تعتمد على اللامباشرة، هي مش قصة ومش حدوتة، هي بتوصل إسقاط معين بشكل ما، ويا القارئ يتفاعل مع الإسقاط ويفهمه، يا هيتوه في النص إلى حد ما".

لمَّا فكَّرت ممكن أختصر تيمة الرواية في ايه، حسيت إنهم حاجات كتير صعب اختصرهم؛ الشدة المستنصرية، محمد محمود، المستقبل المظلم الديستوبي، الإتصال بالعالم الأخر عن طرق ماحدش يعرفها. من الأخر هي رواية واحدة جامعة 4 حكايات مختلفة في 4 أزمنة مختلفة.

- كنت أداعب عقلي

= كيف؟

- أمنّيه بما هو أفضل

على ذكر التوهة، الكاتب نوِّه في الصفحات الأولى من روايته على ضرورة إقتناء ورقة وقلم طول ما انت بتقرأ الرواية، وفسَّر ده لينا بإنه ضروري عشان القارئ مايتوهش بين الشخصيات والتواريخ المختلفة. بشكل شخصي وكقارءة، ماعملتش ده وبدأت في الرواية من غير الورقة والقلم، لكن لمَّا وصلت لنص الأحداث كنت توهت فعلًا واضطريت أرجع كتير أراجع أحداث سابقة عشان أربطها ببعض. نصيحة غير مدفوعة الأجر: اسمعوا كلام الكاتب وامسكوا ورقة وقلم وانتوا بتقروا.

زي ما عمل "نجيب محفوظ" في بعض رواياته، و"علاء الأسواني" في كل رواياته، استخدم "محمد" أسلوب السرد السينمائي المتقطع، كل فصل باسم شخصية مختلفة بتتكلم بصوتها وبتسرد لك الأحداث من غير وجود راوي موحد. هتلاقي فصول بأسماء زي "عوض"، "كارمة"، "جيد"، "علّام". بيقول "محمد" عنهم إن كلهم أبطال وبارزين، مافيش بطل وسنّيدة؛ "مع شخصية زي جيد، هي بتمثل الأنانية والحرص والمادية، بس في النصف التاني من الرواية هتلاقيها بتتحول في لحظة معينة لشخصية انتي كقارءة ماتعرفيهاش، يمكن هي نفسها ماكنتش تعرفها قبل اللحظة دي". إبراز اللحظات الفاصلة دي كانت هدف "محمد" من الرواية ككل.

لم يعد للذكرى مكان، لن يفيدنا ذلك ولن يفيدنا كشف الحقيقة أيضًا

أنا دماغي لفّت يابا

أول ما تمسك الكتاب اللي عدد صفحاته أقل من الـ 200، هتلاقيها بتبدأ في بني مزار في المنيا سنة 1918 مع شخصية "علَّام"، هتعيش أجواء الصعيد بظروفه الصعبة ومحاولات الأهالي المضنية لتعليم أولادهم. بعدها بـ 20 صفحة هتلاقي نفسك سنة 1036 في زمن الشدة المستنصرية والسبع سنين العجاف والمجاعة اللي وصَّلت الناس إنهم ياكلوا بعض. بعدها بكام صفحة هتلاقي نفسك في المستقبل، في جزء ديستوبي أشبه برواية "يوتوبيا"، ومدينة القاهرة متدمرة وسكانها بياكلوا بعض، وباقي منها حي واحد ناسه أشبه بالبشر في صورتهم الحالية.

في الأول والأخر انت بتقرأ عمل "أول" لكاتب شاب عمره ماعداش وقت إصدار الرواية 25 سنة، فـ كثرة الأبطال، بالإضافة للأزمنة المختلفة، نقطة ممكن تكون ضرت الرواية بما إن القراء اشتروها وهما متوقعينها تكون "أخف"، لمَّا سألت "محمد" عن النقطة دي وعن رأيه في تأثير تعددية الأبطال و، قال إن العمل الأول بيخرج نتيجة كتابة عشوائية مش منتظمة بأي حال؛ "اللي بيكتب أول عمل بيطلع فيه إبداعه بس وموهبته، في أخطاء كتير جدًا بيتغافل عنها من غير قصد عشان بيكون همه الأول إظهار موهبته". سألته طب ايه الأخطاء اللي كانت في "برزخ"، اتنهد وفكَّر شوية وقال؛ "يمكن الاسم ماكانش أحسن اختيار رغم انه بيخدم الفكرة تمامًا، ماعرفش برضه الأبطال الكتير زهَّقوا القراء ولا لأ".

مين يكسب: الكتابة العشوائية ولا المنظمة؟

بيقول "محمد" إن معظم أجزاء "برزخ" و"حتى اللحظة الأخيرة"، روايته التانية، اتكتبوا بشكل عشوائي بحت، وهو في المترو أو مسافر من محافظة لمحافظة، في أكتر اللحظات اللي ماتوقعش فيها إنه يبقى قادر يكتب. على عكس كل الأوقات اللي قال لنفسه فيهم "أنا هاكتب دلوقتي!" وقعد قدام المكتب وهو مظبَّط القعدة ومهيأ الجو؛ "أنا باشوف إن سن الشباب ده هاكتب فيه أحسن حاجة ممكن أطلعها، ودايمًا بافتكر إن لمَّا رائعة نجيب محفوظ أولاد حارتنا اتكتبت، كان عمره 29 سنة بس".

إذن كل منا كان يخاف الاقتراب من المجهول ليس أكثر من ذلك

الجمهور عايز ايه؟

اللي اعرفه إن الجمهور بيحب يجرَّب الجديد، وخصوصًا فيما يخص أسماء الروايات، فـ في تريند إن الكتاب يسمَّوا كتبهم بأسماء غريبة، ليه اسم "برزخ" ماجذبش الناس كفاية؟ بيقول "محمد" إنه كان متمسك بالاسم جدًا عشان بيخدم الفكرة، وعارض صاحبة دار النشر لمَّا اقترحت عليه يغيره لأسماء زي "فصلة منقوطة". بعد سنتين هو شايف سبب اقتراحها لاسم بديل، "الناس مافهمتش الاسم، فيه اللي حب يجرّب وفيه كتير برضه كانوا عايزين اسم سهل يحسسهم إن الرواية نفسها هتبقى سهلة".

الكاتب بيعامل أول عمل ليه زي ابنه البكري، فـ بعد مناقشات طويلة حوالين الاسم، وصل لمناقشات حوالين غلاف الكتاب، المميز جدًا في نظري. بيقول محمد إن كان بيسأل أي حد، حرفيًا أي حد، عن رأيه في الغلاف؛ "كنت بابقى في المترو وأطلع الموبايل عليه كذه تصميم وأقول للي راكب جنبي صباح الخير أنا كاتب شاب وباختار غلاف لكاتبي، ايه رأيك؟" وبيكمِّل ويقول إنه كان بيرجع في الأخر يختار الاختيار اللي هو برضه حابه.

رواية "برزخ" إصدار سنة 2016، وصل عدد طبعاتها دلوقتي للـ 4، اتشرحت لجائزة نجيب ساويرس للأدب وكان "محمد" أصغر المرشحين سنًا فيها، ولجائزة المركز الفرنسي للأداب، وبعد العيد هتبقى متاحة في المكتبات.

 

 

Home
خروجات النهاردة
Home
Home