• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
فيديو: وفاة مصري وإصابة 2 بسبب سقوط صاروخ في الرياض
الموضوع اللي فات
مصور مصري فاز في مسابقة Sony World Photography Awards

فيلم "زهرة الصبار".. جيت أظبط الجاكيتة البنطلون ضرب

شقشقت والنور بشاير

إعلان فيلم "زهرة الصبَّار" شدّني من اللحظة الأولى، لكن اتحكمت في طموحاتي وماتوقَّعش أوي، عشان زي ما احنا عارفين ماحدش بيتجرح أوي إلا لمَّا بيحب أوي، وقتها سمعت عن رحلة المخرجة "هالة القوصي"، اللي قدرت بعد سنتين تخرَّج فيلمها الأول للنور بعد رحلة إنتاج صعبة. في نهاية الأسبوع صرفت لنفسي مكافأة وقولت دقت ساعة المشاهدة، في الطريق كنت حاسة إني في انتظار وجبة دسمة، متحسمة جدًا لتذوقها لكن خايفة من أثرها لو خذلتني قدام الميزان.

فيلم "زهرة الصبّار" بينتمي لنوعية الأفلام اللي بيجرب صناعها تقنيات جديدة في التصوير والسرد، لكن على حساب القصة والحبكة. الفيلم ضرب بعرض الحائط كل الحاجات التقليدية اللي متعودين نشوفها في الأفلام، مش هتلاقي بداية ووسط ونهاية أوي، الأحداث مش تصاعدية ومش هتبدأ بسيطة وبعدين الدنيا تتأزم، الحدوتة بتتحكي بشكل مختلف، بيتداخل فيها الواقع اللي بيعيشه الأبطال بأحلامهم اللي بتورينا هما ازاي شايفين الواقع ده.

(((فيه حرق للأحداث)))

اضحكي.. اضحكي يا عايدة!

بيبدأ الفيلم بمشهد للطفلة "عايدة" قاعدة في استديو تصوير عشان تتصور، أمها والمصوراتي بيطلبوا منها تضحك لكن وشها خالي من أي تعبير، لا بتضحك ولا مكشَّرة. فجأة المشهد بينتهي وبتشوف "عايدة" الشابة اللي وشها برضه خالي من أي تعبير، ودي حاجة هتصاحبنا طول مدة الفيلم. "عايدة"، اللي أدت دورها الممثلة الشابة "سلمى سامي"، ريفية عايشة في القاهرة من سنين، سابت دراسة الطب وبتسعى ورا حلمها الأكبر، التمثيل. بتتشارك سطح عمارة مع جارتها العجوز البرجوازية سابقًا "سميحة"، اللي بتلعب دورها الممثلة "منحة البطراوي"، اللي ظهرت في "إسكندرية كمان وكمان" و"مرسيدس".

بنت في بداية الطريق بتدور على حلمها عشان تكتشف نفسها من خلاله، وعجوز الزمن جار عليها، اتجمعوا في مكان واحد، خط درامي لطيف وقماشة تطلع منها حدوتة حلوة. ازاي بقى المخرجة لعبت بالقماشة دي؟

الرتابة: كلمة سر الفيلم

مفهوم استخدام الرتابة والروتينية موود عام للفيلم كإسقاط على حياتهم وحياتنا كلنا المملة المتوقع أحداثها، لكن الملل والتمثيل الهادي كان أزيد من المطلوب، يعني كنت محتاجة أشوف انفعالات أكتر لـ "عايدة" تخلق تواصل نفسي بيني وبينها خاصة إن حكايتها واقعية جدًا وبتمس نسبة مش قليلة من بنات الجيل ده.

من أول دقيقة في الفيلم لحد ذروة الأحداث، اللي ماكانتش ذروة أوي للأمانة، بتشوف "عايدة" وهي من غير أي انفعالات. جارتها بتحاول تفتح معاها كلام، وهي "عادي"، جارهم ابن صاحبة العمارة بيتحرش بيها لفظيًا عن طريق كلمة "يا فنانة" -واللي تعني في قاموسه إنها بالضرورة عاهرة- وهي بتكمِّل وتطلع البيت "عادي" من غير ما توصلي احساس الضيق المتوقع! بس اللقطة اللي قلشت خالص من "عايدة" كانت لمَّا اتحرش بيها جسديًا نفس الجار، بس هي اكتفت بزقة روتينية ملولة كأنها متعودة يمد ايده عليها مرتين تلاتة في اليوم.

"شكلك مش Class A .. اللي بعده"

بصادف كتير إعلانات شغل مكتوب فيها ((يشترط أن تكون الفتاة A Class)) ولفترة طويلة ماكنتش بافهم بيبقى إيه معيار الحكم في الموضوع ده؟ في مشهد واحد وبجملة واحدة عكست المخرجة مشكلة "عايدة" اللي بتتلخص في إنها غير مقبولة مجتمعيًا في فئات مختلفة. لا اللي فوق شايفينها منهم بسبب ملابسها البسيطة وطبيعيتها الهادية، ولا مجتمع أهلها في الريف -اللي هي منتمية ليه بالوراثة- قابلها بسبب حبها للتمثيل.

على عكس "عايدة"، جارتها "سميحة" أكثر انفتاحًا على الحياة وقدرة على التعبير عن نفسها، بنشوفها في أول مشهد وهي بتحاول تفتح كلام مع "عايدة"، وبتطلب منها -بعزة نفس بنت باشاوات الزمن جابها يمين وشمال- إنها تدوَّر لها على شغل. عزة النفس دي هتكمِّل شوية معانا وهنقابلها تاني قدام في الفيلم.

المخرج عايز كده

على الرغم من جماليات الفيلم وحلاوة الكادرات والاستخدام الذكي للألوان، خصوصًا اللون الرمادي عشان يزيد إحساسنا بالملل والقبح الملازمين للقاهرة، ومن أسلوب السرد المختلف اللي هاتكلم عنه قدام، إلا إن الحبكة والسيناريو كان فيهم حاجات مش مفهومة وخلل وقَّع جزء من الإيقاع وخلّاني أقول الحلو مايكملش، منهم على سبيل المثال لا الحصر: 

1) ظهور واختفاء "ياسين" اللي بيقدم دوره الممثل الشاب صاحب الملامح الرقيقة والأداء الخفيف "مروان العزب". في مشهده الأول بيحاول بشجاعة ولاد البلد إنه يخلي شاب بيعاكس "عايدة" يعتذر لها، فعل طبيعي من شخصية بمواصفات "ياسين"، الغريب بقى هو تجاوب الشاب واعتذاره للبنت فعلًا عشان طلعت "من المنطقة"، جملة حسيت إنها مش راكبة على حالة الفيلم، خاصةً إن في المنطقة اللي عايشة فيها "عايدة"، بتتعرض لمضايقات أغلب الوقت بس، وإن شخصية "ياسين" كيوت، فـ مانقدرش نقول إن المتحرش خاف منه مثلًا.

2) علاقة "عايدة" بأمها اتعثرت، عشان الأخيرة سابتها وهي طفلة، وبعد سنين اتجمعوا في وجود "سميحة". فجأة هتلاقي التلات ستات قاعدين يقطعوا ملوخية -وبدون حدوث أي موقف يستدعي الذكرى- "عايدة" بتعاتب أمها إنها سابتها، وهما الاتنين في قمة هدوءهم وبيطبخوا بروقان من غير ما أي واحدة فيهم تبين مشاعر كفاية على قدر الموقف.

3) "ياسين" ظهر من العدم من غير أي خلفية، شفناه في نص الفيلم الأولاني كتير، من غير ما نعرف عنه غير معلومة إنه طالب سابق في كلية الحقوق، طيب هو عايش لوحده ليه؟ ايه الرابط الخفي بينه وبين "عايدة" و"سميحة"؟ ما هو أكيد في رابط خفي بما إن كل اللي شايفينه على الشاشة بينهم جمل خاطفة وعابرة لا تستدعي تكوين العلاقة القوية دي بين التلاتة، وماتخلّيش "ياسين" يتمرمط وراهم كده من بيت لمستشفى لكمين! فين وفين في التلت الأخير من الفيلم، عرفنا إن مشروع "ياسين" اللي كان بيتكلم عنه من أول الفيلم هو محطة راديو أونلاين شعبية، والمعلومة مافادتش السياق الدرامي في أي حاجة، غير إن الفيلم ختم بإذاعة لمقدمة في المحطة. 

4) "ياسين" تالت، كان قاعد في هدوء على النيل عشان يلاقي أمناء شرطة بيسألوه عن بطاقته وبيضربوه فجأة من غير ما نعرف حصل إيه، مع إن شخصية "ياسين" طول الفيلم ودودة وبشوشة لأبعد حد ومش بتاعت لبش، يعني لو كان فيه لفظ خارج صدر من أمين كان الطبيعي لحد زي "ياسين" إنه يبلعه، لكن إيه اللي حصل خلى الموضوع يوصل للضرب؟ وإيه اللي حصل بعد الضرب؟ هل خدوه القسم ولا جراله إيه؟ ماحدش عارف، المشهد غير مبرر بالنسبالي، غير إن المخرجة كانت عايزة تبين إن الشرطة بتضرب الناس، ودي ممكن تكون حقيقة، بس كنت مستنية أشوف لها سياق واضح ومقنع أكتر مع شخصية "ياسين" الكيوت.

5) مفهوم ومنطقي ظهور صاحبة "عايدة"، الممثلة السابقة اللي سابت التمثيل عشان تتجوز واحد يحجِّبها ويقعدها في البيت، ومفهوم إنها بقت تستغفر من كل أفكارها السابقة وتدعي لـ "عايدة" بالهداية، لحد هنا الموضوع منطقي، لكن إيه لازمة حشر "بصي جوزي جاب لي ساعة غالية أوي ازاي" في الموضوع؟ في حين إن "عايدة" والبنت من الواضح إن علاقتهم سابقًا كانت قوية ومافيهاش أي تنظير طبقي أو مادي. الفنانات اللي بيتحجبوا ويعتزلوا ويحرَّموا الفن ظاهرة موجودة فعلًا، لكن إيه لازمة حشر إنها بقت مادية؟ وفين التمهيد للجملة دي؟

احنا جيلين جيلين

شقاوة "سميحة"، اللي رافضة تبقى خيل حكومة، هي اللي أدت لمشهد الذروة البارد نسبيًا طعم، استخدامها لحيلتها الدفاعية وهي بتزعق لـ "سوسو" صاحبة البيت وبتاخدها بالصوت عشان ماتطردهمش، ووشوشتها لـ "عايدة" إن فيه إيجار متأخر عليها، وطلبها لسيجارة وهما قاعدين على السلم بيفكَّروا هيروحوا فين. انفعالات "سميحة" دي كانت بتقابلها "عايدة" بحالة برود وشرود غير مبررة، التناقض ده هيحسسك إنك شايف مثالين لجيلين؛ الصغير فيهم فقد طاقته وشغفه بمتع الحياة والتاني بيحاول يتمسك بالحياة وتفاصيلها حلاوة روح مش أكتر.

نص الكباية المليان

المخرجة حاولت تغيير شكل السرد عن اللي متعودين عليه، وده شيء يحسب لها، بس جت تظبط الجاكتة البنطلون ضرب، وبقى عندنا شكل سردي جديد، لكن الحدوتة الأصلية وخط السرد التقليدي وقع وبقى فيه مشكلة في إيقاع الفيلم وأحداثه.

طول الفيلم كان السرد متقطع في خطين بين الحاضر وبين أحلام "عايدة" السيريالية، اللي بتتكون من مشاهد من طفولتها وعروض مسرحية راقصة، كل مشاهد هيفسرها بطريقته، يمكن تحس مشاهد الأحلام معقدة زيادة عن اللزوم، بس في نظري كل حلم كان بيعكس وجهة نظر صاحبه عن الواقع اللي بيعيشه، فـ "عايدة" كانت شايفة نفسها بتتفرم في مساحة ضيقة وسط أجسام بشر كتير في عرض مسرحي، وبيتفرَّج عليهم بشر تانيين مساجين في أقفاص! و"باسم" كان شايف نفسه بيجري من غير جدوى وصحي ينهج، وده حالهم فعلًا في الفيلم. 

على الرغم من إن الأفلام المستقلة بتتصور في أضيق الحدود، وأماكن التصوير مش دايمًا بتبقى أعظم حاجة بسبب الإنتاج البسيط، إلا إن "زهرة الصبَّار" متصوَّر بحرفنة شديدة هتلاحظها في "سيمترية" بعض المشاهد -يعني لو قسمت الصورة لنصين هتلاقي النصين متطابقين في العناصر- وفي الاهتمام الشديد بالتفاصيل زي: رسومات الصبَّار في المسرح اللي بتدخله الطفلة "عايدة" في بداية الفيلم، البوتجاز القديم والبلاط المشقق في بيت أم "عايدة" وبوستر "الخائف" في بيت حبيب "عايدة" الخائف من المسؤولية. 

كذلك لقطات دق التوم وطشّة الملوخية والأكل عمومًا كانت مبهجة للعين وتفتح النفس وهتفكَّرك بمشاهد الأكل في سينما "خان"، ملابس البطلات التلاتة، "عايدة" و"سميحة" وأم "عايدة" برضه تم اختيارهم بعناية، "عايدة" بتلبس أبسط حاجة ممكنة عشان تحس إنها حرة وبتمشي حافية قدر الإمكان باعتيادية شديدة.

كان في مشاهد صادقة وواقعية من غير إضافات، زي مشهد الكمين اللي وقّف "عايدة" و"سميحة" و"ياسين" في أول الفيلم، وتفاصيل علاقة "عايدة" بـ "أحمد"، ورومانسية أم "عايدة" برغم بساطتها، ورمزية نبات الصبَّار اللي بتتحرك بيها "عايدة" في القاهرة كأنها تعويذتها في مواجهة ملل وضغط المدينة.

هو عيب نحتفل ومصر بتولع؟ 
الفيلم على رغم رتمه البطيء مش خفيف وهتطلع منه قلبك مُثقل بهموم أبطاله، لكن من أروق لقطاته، اللقطة اللي جمعت الشاب اللي جه من الريف "باسم" بـ "عايدة" و"سميحة" و"ياسين" في بيته وهو بيغنّي لهم "كل عين تعشق حليوة"، الغنوة ماعدِّتش بالساهل وأثارت حفيظة جيران "باسم" اللي صحيوا من النوم يطلبوا منه يمشّي العجوزة والشابة اللي مستضيفهم في بيته، في مشهد واقعي بيبدأ بصراخ جاره فيه "مش عيب تغني وتعمل حفلات والبلد بتولع؟!" 

الأغنية اتغنت تاني في الفيلم، بس المرَّة دي راب وغنّاها بطل الفيلم "مروان العزب". 

"زهرة الصبَّار" عمل معايا زي ما قال عدوية، "وجينا نبعد قالولنا نقعد وجينا نقعد شدوا الكراسي"، لسَّه باقول هيييه هاشوف نقلة في حياة البطلتين و"ياسين" وأحداث بقى وأكشن وانفعالات، لقيت تتر النهاية نازل.

الفيلم مغامرة إنتاجية تُحسب لمخرجته ولفريق العمل، وصل ببطلته "منحة" للفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان دبي السينمائي، وببطله الشاب "مروان العزب"، لإنه يكون أصغر مرشح لجائزة أفضل ممثل في مهرجان دبي برضه. فنيًا ممكن يبقى أحسن من كده، لكن يُحسب لمخرجته برضه إنه أول أعمالها ولفّ مهرجانات دولية كتير ورمى في مياه السينما المصرية الراكدة حجر، بيقول إننا هنشوف قريب أفلام مستقلة بتقدم فكر مختلف وعليها إقبال جماهيري وطابور حجز.

شقشقت والنور بشاير .. زهرة الصبار يا سلمى
يا نسيم الشوق يا طاير .. خد لمصر الصبح كلمة
طول ما يبقى الركب ساير .. بالبصاير والعنين
يبقى ضامن يمشى آمن يبقى شايف يمشى فين

Home
خروجات النهاردة
Home
Home