• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
الممثل Owen Wilson هيكون ضيف مهرجان الجونة السينمائي 2018
الموضوع اللي فات
السعودية هتسمح للمعتمرين بزيارة أي مدينة فيها لأول مرة

حكاية ست فرنسية جالها الزهايمر ومش فاكرة غير طفولتها في القاهرة

وتهل ريحة الأماكن تملأ قلبي حنين

سنة 1927 اتولدت "لوريس" في هليوبوليس لأب أيطالي وأم مصرية، ولمدة 20 سنة فضلت البنت المصرية بين شوارع الكوربة وجمال مصر الجديدة ساكنة وعايشة. لوريس بوكتي دلوقتي عندها 90 سنة، سابت مصر من سنين طويلة جدًا وعاشت في فرنسا، اتغيرت مصر وقامت ثورات وراحت الملكية وبقينا جمهورية، وبعد كل السنين دي تعبت "لوريس" واتشخص مرضها انه الزهايمر، نسيت كل حاجة في حياتها حتى اهلها، إلا سنين حياتها في مصر، حفيدها "فالانتين" سمع من جدته قصصها وحكاياتها وجه مصر عشان يوثق ذكرياتها ويعمل فيلم وثائقي وزي ما بيقولنا: "انا بحس من حكاياتها انها بتنقلي كل مشاعرها عن مصر الجديدة وشوارعها".

"لوريس" سنة 2017

زي أي بنت عاشت في مصر في التلاتينات في المنطقة دي، كانت حياتها بين دروس الفرنساوي في Sacré-Cœur ودروس المزيكا والبيانو وقداسات كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك اللي قابلت فيها لأول مرة حب حياتها وزوجها المستقبلي تشارلز لأول مرة سنة 1940.

في نهاية الأربعينات ركع "تشارلز" على ركبته واتقدم لـ"لوريس" وقالت هي "موافقة"، وفي نفس الكنيسة اللي عاشت فيها طفولتها وقابلته فيها أول مرة وقفوا هناك واتجوزوا وتم الأكليل واتعهدوا قدام عيلتهم واصحابهم انهم هيكونوا سوا طول العمر.

"لوريس" في الاربعينيات

في سنة 1952 اتغيرت الأحوال في مصر، قامت الثورة وانتهت الملكية، والاجانب اللي عاشوا في مصر واعتبروا نفسهم مصريين طول حياتهم مبقاش ليهم مكان ووضعهم الاجتماعي اتغير، في الوقت ده كان عند الزوجين "تشارلز" و"لوريس" 3 أطفال وكانوا مضطرين ياخدوا قرارهم ويسيبوا مصر.

من القاهرة لبيروت عاشت العيلة الصغيرة حوالي 20 سنة تاني سعداء ومبسوطين لحد ما بدأت الأمور في لبنان تتغير وتنذر بحرب اهلية كبيرة هيروح ضحيتها آلاف، فكان قرار الزوجين سنة 1975 انهم يسيبوا الشرق الأوسط كله ويروحوا فرنسا ويبتدوا حياة جديدة تاني هناك، وبعد سنين اتجوزت بنتهم عشان تخلف "فالنتين" سنة 1991 اللي قرر يوثق حياة جدته.

تشارلز ولوريس في رأس السنة 1952

بيحكي "فالنتين": "انا مكنتش اعرف كتير عن ذكريات جدتي قبل ماتيجي فرنسا، حياتها شكلها ايه، ولا كانت بتعمل ايه، وانا بقيت حاسس انها هتفقد ذكرياتها اللي هي ثروتها الحقيقية، فحسيت اني لازم ابتدي اسجل كلامها واجي اشوف المكان اللي عاشت فيه".

"فالنتين" اللي اتولد واتربى في فرنسا، كان بيزور جدته وهو طفل فيشم ريحة ملوخية وفول واطباق مصرية كتير خليته مش فاهم هو بينتمي لفين؟ هو عمره ما راح الشرق الأوسط أو فكر يزور مصر، وبعد وفاة جده سنة 2002 بدأ الشاب الفرنسي يقضي وقت اكتر مع جدته اللي حكتله عن حياتها في مصر، بيقولنا "فالنتين": "بابا وماما ماكنوش عايزين يكونلنا أي اتصال بمصر أو الشرق الأوسط، احنا عايشين في فرنسا حياة كويسة بعيدة عن كل الآلم اللي هما مروا بيه في الماضي".

"فالنتين" وجدته

بعد وفاة "تشارلز" بدأ الزهايمر يأثر على "لوريس"، واختفت ذكرياتها تدريجيًا، لكن في الوقت ده كانت بتظهر اكتر وتنور حكاياتها وذكرياتها في مصر وشوارع مصر الجديدة اللي بتوصفها زي ما شافتها زمان: "فرية صغيرة، شوارع فاضية ومفيهاش حد، والشجر الأخضر حوالينا في كل مكان وكل الناس ودودة وجميلة" ده الحلم الجميل اللي كان موجود في مصر في الاربعينات.

درس الحفيد الفرنساوي "فالنتين" صناعة الأفلام وبدأ يصور جدته وهي بتحكي عن كل ذكرياتها في مصر، كنيستها، دروسها، الأماكن اللي كانت بتشتري منها اللي محتاجاه، الخياطة اللي بتروحلها، الشوارع الهادية النضيفة والناس اللى بيضحكوا طول الوقت، زاد جوه "فالنتين" الحنين لأصوله فقرر يمسك بايد جدته ويعبر البحر ويجي يصور البلد اللى سكنت جوه قلب جدته ومفارقتش ذاكرتها، بعد مااتغيرت  واختلفت تمامًا.

"لوريس" من بلكونتها في 2017

من أول لحظة في القاهرة عرف "فالنتين" إن كل الحكايات اللي سمعها عن الأماكن دي اتغيرت، لكنه برضه كان لسه شايف الجمال في شوارع هليوبوليس، وصور كل حاجة سمع عنها، الكنيسة، سينما روكسي، البيت القديم، المدرسة وحتى الشوارع اللي بقت زحمة.

وفي سباق مع الزمن بدأ الحفيد الفرنسي يجمع كل قصص جدته ويصور كل الأماكن عشان ينشرها في فيلم وثائقي يطلع للنور في 2018، في نفس الوقت اللي جدته رجعت تاني لفرنسا بتعيش ايامها الآخيرة في هدوء، وكل ذكرياتها وحنينها بيوديها لأرض بعيدة كانت وطنها في يوم من الأيام ودلوقتي بقت "أجنبية" عنها.

لما سمعت حكاية "لوريس" افتكرت أغنية مسلسل "أماكن في القلب" اللي بتقول: "تهل ريحة الأماكن تملأ قلبي حنين، يوحشني عمر الأولاني، توحشني أجمل سنين".

Photos courtesy of Valentin Noujaïm.

 

 

Home
خروجات النهاردة
Home
Home