• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
دبي عملت غرف تحقيق للأطفال في مولات وحدائق عامة بدل أقسام الشرطة
الموضوع اللي فات
مهرجان في تونس بيعرض مسرحيات 24 ساعة متواصلة

حوار مع أم مصرية ابنها "المعاق" كان السبب في ترشحها لجائزة نوبل

"ابني حياته اتغيرت لما حبيته وقبلته، عشان ربنا مبيديش حاجة ناقصة ابدا"

مؤسسة الخرافي في الكويت بتعمل جائزة سنوية على مستوى أمهات دولة الكويت فقط، لكن السنة دي قررت انها تتوسع وتدي جائزة لأمهات من الوطن العربي كله، وكسبت جائزة الأم المثالية في مصر ندى ثابت- رئيس مجلس إدارة جمعية قرية الأمل للتنمية والتأهيل الاجتماعي للمعاقين في اسكندرية، وهيتم تكريمها في الكويت يوم السبت 7 أبريل، لكن دي ماكنتش أهم جائزة تاخدها "ندى" في 2005 اترشحت لجائزة نوبل للسلام ورغم إن فيه ناس كتير مسمعتش عنها، لكن أي حد اتعامل مع المعاقين في اسكندرية يعرفها، بعد ما بقت رمز لمساعدتهم.

من سنة قابلنا ندى ثابت في مكتبها في الأسكندرية وسط جوايزها الكتير واتكلمنا معاها عشان نعرف حكايتها وازاي وصلت لكل ده، بتحكي "ندى": "لما اتولد ابني الأول ممدوح كنت فرحانة بيه، ولما اتولد ماجد كنت عارفة الطفل بيتربى ازاي وبيكبر ازاي، بس بعد 3 شهور بدأت احس باختلاف"، هنا كانت اللحظة اللى سمعت فيها الأم لأول مرة في حياتها كلمة "معاق"، بتكمل كلامها: "ماكنتش فاهمة يعني إيه طفل معاق، وماكنش يخطر على بالي إنه يكون عندي طفل معاق، لكن أنا قصاد أمر واقع، قدام طفل مابيتحركش، مافيش حاجة في حواسه بتشتغل غير حاسة السمع بس، وأنا ماعرفش هيتربى ازاي أو احتياجاته إيه!". بدأت ندى رحلتها جوّه مصر وكانت متخيلة إن الإعاقة مرض ممكن يتعالج، لكن بعد سفر بره ولف على الدكاترة سنتين، فهمت إن ده محتاج تدريبات خاصة ومالوش علاج.

لما كمل "ماجد" سنتين ونص كانت وصلت "ندى" لقمة يأسها وتعبها، مش عارفة تبدأ منين، بتحكي وعلى وشها ابتسامة بتوضح معاناتها اللي خلصت: "كنت سايبة ابني في الأوضة بيلعب ودخلت أشيله ولاقيت عينه بتتحرك معايا، وحسيت إنه شايفني وشايف اللعب، رغم أن كل الدكاترة قالولي إنه أعمى ومش هيشوف، ودي كانت المعجزة"، فرحة "ندى" في لحظتها كانت رسالة علشان طريقتها تتغير في كل حاجة، "كانت رسالة بتقولي اهتمي بيه وحبيه واقبليه زي ما هو، ربنا مابيديش عطية ناقصة أبدًا، ربنا دايمًا عطاياه كاملة، الطفل ده لازم يتعلّم زي أخوه بالظبط" بتقول الأم اللى بدأت تسافر وتدرس علشان تعلم طفلها اللي حفظ الأشكال والأحجام والألوان مع مرور الوقت وبعد مجهود من أمه. 

"ماكنش يخطر في بالي إنه يكون عندي طفل معاق ومكنتش عارفة بيتربى ازاي"

زي ما الدهب بيدخل النار علشان يكون أنقى، "ندى" كمان دخلت مواقف كتير شكلت شخصيتها، كان أصعبهم لما كان ابنها عمره 9 سنين واختفى فجأة وهما في المصيف، وبعد لف وتدوير لاقيته في القسم متبهدل، بتحكي "ندى": "الطفل اللى كان نضيف لاقيته متبهدل ووشه متشفلط ومضروب، قالولي إنه جاي في سرقة عربية ومكتوب في المحضر طفل يدعي العبط ويمتنع عن الكلام!"، بتتلألأ الدموع في عين ندى بس ابتسامتها مابتفارقهاش وهى بتقول: "الولد ماكنش لسه بيتكلم أصلاً، وهو مش بيدعي العبط، هو معاق بس ملامح الإعاقة مش باينة على وشه"، كان الحل إنها تطلب من صاحب المحضر التنازل عنه، راحت الأم لبيته وطلبت منه ده لكنه بعد ما فهم ووعدها إنه يتنازل، ماراحش القسم وبطل يرد عليها، بتقول ندى: " كانت أكتر لحظة اتأذيت فيها، ازاي أشوف ابني راكب البوكس مع المجرمين ويبات في الأحداث لحد ما القاضي يحكم".

كل موقف مرت بيه "ندى" كان زي قطعة البازل اللي بترسم الصورة الكبيرة، بتحكيلنا: "رحلتي مع "ماجد" هي اللي عرفتني ايه المشاكل اللي بتقابل المعاقين في مصر، عرفت بعد تجربة الحجز انه لازم في الأقسام يكون فيه مكان انتظار مخصص ليهم، ولما معرفتش ادخله مدرسة عرفت انه لازم يكون فيه اماكن لتعليم الأطفال المعاقين، ولما كمل 16 سنة معرفتش اعمله بطاقة، ولما كمل 18 تعبت عشان ياخد إعفاء من التجنيد، وكان لازم يروح منطقة التجنيد ويعمل كل حاجة كأنه شاب طبيعي".

هو مش بيدعي العبط هو معاق!

في سنة 2000 رجعت "ندى" من مؤتمر تدريب قادة بالخارج وهى عارفة رسالتها وهدفها ورؤيتها في الحياة، بتقول "ربنا كان مرتب إني أعدي بكل ده علشان اعرف الاحتياجات بالظبط، وحسيت إنه بيقولي زي ما ربيتي ماجد لازم تعلمي غيره".

بابتسامة بتنور وشها وبتحرك تجاعيد حفرتها ذكرياتها بتكمل: "مكان هسميه أمل من الألم اللى شفته في حياتي وهقول للناس ازاي ابني حياته اتغيرت لما حبيته وقبلته واتعلمت". أسست "ندى" قرية الأمل لتأهيل المعاقين ذهنيًا في إسكندرية وقدرت من خلال كيان رسمي توصل للمسؤولين وتتكلم معاهم عشان كل مشكلة شافتها تعالجها، مثلا دلوقتي بقت وزارة الدفاع بتوصل لحد المعاقين في أماكن الجمعيات أو بيوتهم وتخلص إجراءات الإعفاء من التجنيد من غير ما يكونوا محتاجين يمروا بالوقوف وقت طويل والاجراءات الروتينية.

القرية بتستقبل ذوي الاحتياجات الخاصة من سن 14 سنة، علشان تأهلهم مهنيًا، بتقول "ندى": "أنا عارفة إنه هيكون صعب عليهم تعليم القراية والكتابة، بس على الأقل يكون فيه تعليم مهني علشان يكونوا مصدر دخل لأسرهم مش عبء عليهم، ويحسوا بذاتهم وكيانهم"، تدريبات في النجارة وصناعة السجاد على الأنوال والمخابز الآلية، مشاريع كلها بتطلع منتجات تتوزع في كل إسكندرية، وكتير من الأطفال ذوي الإعاقة اشتغلوا في مصانع وشركات بعد تخرجهم من القرية.

"ندى" فكرت ازاي ممكن تخدم كل اللي زي ابنها بتأسيس المجلس القومي للأشخاص ذوي الاعاقة، والتفكير في عملية الدمج في المدارس اللي بتتقابل بكتير من الهجوم لو فشلت، بتحكيلنا "ندى": "المشكلة إن المدارس كانت غير مجهزة للدمج، المدرسين مش عارفين يتعاملوا مع الأطفال، لو طفل على كرسي متحرك والفصل بتاعه في الدور التاني مش بيعرف يروح، فبعد القرار الوزاري بالدمج الإلزامي للأطفال ذوي الإعاقة الطفيفة، بدأنا نشتغل على تهيئة المدارس للأولاد".

هقول للناس ازاي ابني حياته اتغيرت لما حبيته وقبلته واتعلمت

دموع وضحكات طول حياتها ساهمت في تغيير نظرية الإعاقة في مصر، "دلوقتي ممكن تدخل النادي تلاقي أطفال معاقيين، وبقينا نشارك في الأولمبياد الخاصة ونلاقيهم في كل مكان، من 37 سنة ماكنش كل ده موجود"، لكن على الرغم من كدة لسه فيه أسر بتتكسف من أطفالها، "لسه فيه أسر بتتحرج وتتكسف تقول أنا عندي طفل معاق، وفيه أسر تانية بتقول ده مبروك وتسيبه كدة ماتعلمهوش حاجة، وطبعًا كل المفاهيم دي غلط". 

انا فين ونوبل فين؟

في 2005 اتكلل كل تعب "ندى" لما عرفت خبر ترشيحها لنوبل، اللي لما جت سيرتها ضحكت وقالت: "أنا ماكنتش مصدقة في الأول قلت أنا فين ونوبل فين؟ نوبل دي دايمًا بتروح للرؤساء علشان إنهاء الحروب، لكن جايزة نوبل في 2005 كانت موجهة للسلام الاجتماعي، هيئة السلام السويسرية عملت مبادرة وتم اختيار ألف امرأة بيشتغلوا في السلام الاجتماعي من 153 دولة في العالم وأنا كنت منهم". رغم إن إدارة نوبل أصرت إنها تدي الجايزة لواحد أو 2 بس، وحصل عليها الدكتور البرادعي ممثلا لوكالة الطاقة الذرية، لكن شرف الترشيح كان كافي، بتقول "ندى": "السير الذاتية للألف امرأة اتكتبت في كتاب كبير واتنشرت في العالم كله، واتعمل معارض لأعمالنا، واحنا حاليًا في حركة نساء العالم بنرشح ستات تانيين غيرنا".

بتحكي "ندى": "الدولة متعاونة جدًا معانا، وبتسهل كل حاجة علشان الأطفال المعاقين، بس احنا بنطلب التمكين، لازم الشوارع تكون مجهزة للكراسي المتحركة، والأرصفة تكون واطية شوية، المدارس اللى فيها دمج يكون فصولهم في الدور الأرضي، لازم كلنا نفكر نتعلم لغة الإشارة زي ما بنتعلم إنجليزي وفرنساوي ونعرف نتواصل مع ناس في بلدنا لأنها لغة زي أي لغة، لازم يكون فيه طريقة برايل على الحاجات المهمة زي الأدوية والأسانسير". 

الإعاقة مش ضعف ومش عيب


بتشجع "ندى" كل أم عندها طفل معاق، وبتقولها: "كل الأمهات مثاليات، اللي بيكافحوا علشان يغيروا نظرة المجتمع ليهم ولأولادهم، ويقفوا جمبهم علشان يتفوقوا وياخدوا بطولات، لأن ربنا بيدي كل طفل فيهم موهبة خاصة"، بتبتسم "ندى": "أولادنا فعلا موهوبين، الإعاقة مش ضعف ومش عيب، ربنا بيبارك كل أم بالتنوع، ادانا طفل معاق وطفل غير معاق، دي ميزة لأن أولادنا في قلبهم فرح وسلام علطول وبيضحكوا"، بتكمل "ندى" بالضحكة اللى مافارقتهاش طول اللقاء معانا وبتقول "هما فعلأ زي الملايكة".

دلوقتي "ماجد" بيشتغل في قرية الأمل لتأهيل المعاقين، وحياته متغيرة للأفضل. "ندى" كانت مرشحة السنة اللي فاتت لجائزة صناع الأمل في العالم العربي، والسنة دي كسبت جائزة في الكويت، وكل سنة مشوارها بيكبر مع الأطفال اللي بقوا جزء من حياتها وحولوا الآلم اللي مرت بيه لأمل بتنشره في مصر والعالم كله، ممكن تعرف أكتر عن قرية الأمل من الموقع الخاص بيها.

 تصوير فوتوغرافيا: عز المصري.

تصوير فيديو: محمود جاويش.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home