• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
المواطنين في دبي هيكتبوا تواريخهم المفضلة على لوحات العربيات
الموضوع اللي فات
تسمية شارع في الجونة باسم محمد صلاح

"هنا بقدر أمشي وأنا حاسس بأمان" .. حكايات من الحي السوري في أكتوبر

خدنى على بلادي
صورة لطفلة سورية على أسطح أحد المنازل في الحي السوري في مدينة 6 أكتوبر

على بُعد 45 كيلو من زحمة القاهرة، وبعد الطريق اللي بيزينه النخيل على الجنبين أو " المحور" ، هتلاقى نفسك في أرض القمر الصناعى، مدينة 6 اكتوبر اللى بتضم "الحي الدمشقي"، بناسه اللي بيتنفسوا هوا سوريا في قلب مصر، وجوه شارع علاء الدين المليان بالكافيهات السوري و مطاعم المحشي ومحلات البوظه وزباينهم اللي بيلعبوا كوتشينه على القهوة في عز الضهر، الساعة دلوقتي 12 الضهر، والجو مشمس بنسمة هوا لطيفة بتبشر بشتاء القاهرة اللي قرب خلاص. 

الحي السوري                        

"مفيش حاجة زي سوريا"، دي الجملة اللي بيبدأ بيها مصطفى كلامه معانا وهو بيقطع الشاورما السوري في المطعم اللي بيشتغل فيه، وهو بيفتكر برد وشتاء سوريا اللي ماليان تلج وجمال، وسط شغله اللي بيقعد فيه حوالى 12 ساعة يوميا وبدون إجازات أسبوعية، مصطفى نادرا ما بيلاقي الوقت اللي ممكن يقعد فيه مع جيرانه السوريين على القهوة لكنه بيكون مبسوط لما بيرجع لأولاده ومراته في آخر كل يوم والمرات القليلة اللي بيزور فيها عيلته اللي بتتكون من أخواته الأربعة وعائلاتهم اللى كلهم حاولوا يخلوا من "الحي السوري"وطن ليهم.

 

 

مصطفى بيشتغل في المطعم بقاله 4 سنين، من أول ما وصل مع مراته وأطفاله التلاتة اللي دلوقتوا بيكملوا تعليمهم في واحدة من المدارس اللي بتديرها سوريا واللي منتشرة في المنطقة دي، واللى بتعتبر برضه إختيار كتير من اللاجئين، في المدارس دي، بيتعلموا المناهج المصرية لكنهم بيحاولوا يحافظوا على لهجتهم السورية، على امل ان ولادهم يسلموا من التشرد والبلطجة ويكونوا قادرين يتكلموا بلهجة بلدهم، المنطقة فيها كمان أكاديمية سورية لتعليم كرة القدم أنشأتها بعض المنظمات غير الهادفة للربح مع عدد من المنظمات الغير حكومية اللي بتقدم المساعدة للاجئين.

الحياة من على السطح

بعد كام متر جنب كشك واقف لوحده على جنب فى الشارع الرئيسي، واقفه "هنادي" تختار بعناية  إزازة زيت زيتون – رغم اننا عرفنا انها مش محتاجة تشتريها - بتحاول صاحبة الـ 40 سنة تشغل نفسها بأنها تتمشى في الحي وتتكلم مع البياعين وأصحاب المحلات عشان اليوم يعدي، بتقول "مش عايزة أقعد في البيت، بحس إني في سجن" وبدأت توصف الأوضة اللي مساحتها 30 متر على سطوح واحدة من العمارات وبتعيش فيها هي وولادها التلاتة وعمها وبنت أختها، الأوضة بتتكون من سرير واحد و دولاب صغير فوقه تليفزيون، و3 كراسي بلاستيك قدام واحد منهم مكسور ومربوط بسلك.  ابن هنادي الأكبر "مجد" عمره 27 سنة وبيشتغل في بناء البيوت والإنشاءات، وعشان يوفر 800 جنيه إيجار للأوضة بيضطر يشتغل 13 ساعة في الأسبوع، بتقول هنادي انه عدت سنة و8 شهور على زيارة مندوبي وكالة الأمم المتحدة للاجئين لبيتها، بس هي لسه مستنية مساعدتهم.

 

 بتحكي هنادي،"خلال الفترة الأخيرة لوجودها في سوريا، كان في هجوم على نقطة تفتيش قريبة من بيتها وقصف في المكان، كنت بخاف أكتر حاجة على ولادي وبحاول أخليهم مايقربوش من الشبابيك عشان كده قضينا 3 ليالي بننام في البانيو في الحمام".

وهنادي بتكمل كلامها معانا بتفتكر عيلتها في سوريا وبتبدأ تعيط بتأثر واضح، بس عشان مش عايزة ابنها الصغير "كرم" يشوفها في الحالة دي بتبعته يلعب بره مع بنت اختها "شام" اللى عمرها 4 سنين، بتتكلم عن "كرم" وبتقول انه لما وصلوا القاهرة كان عمره 8 سنين ووقتها كان عنده حالة إكتئاب شديدة وفقد الرؤية بسبب الصدمات اللي اتعرضلها في سوريا، ورغم ان النظام المصري بيوفر للمواطنين السوريين الرعاية الصحة داخل مصر، الا انه للأسف مابيوفرش الدعم النفسي ولا وفر لابنها النضارة اللي محتاجها عشان يرجع يشوف تاني، بتكمل " بصراحة مفيش حاجة بتحصل صح، مابنقدرش نروح المستشفيات العامة عشان الاهمال وقلة النضافة ومن ناحية تاينة المستشفيات الخاصة غالية جدا علينا، وكل اللي بيتوفرلنا هو قسيمة مشتريات بقيمة 120 جنيه من كارفور بتقدمها الأمم المتحدة، وده معناه انى بحتاج أصرف على الأكل والشرب أكتر ما بصرف على تعليم ولادى! لأن مفيش مساعدات مادية للتعليم، والسنة اللى فاتت سحبوا المنحة الدراسية من ابني عشان اكتشفوا انه بيدرس في مدرسة خاصة، وابنى وضعه بيكون سئ في المدارس الحكومية."

حسب إحصائية حديثة 123،585 لاجئ سوري بس مسجلين في وكالة الأمم المتحدة للاجئين UNHCR في مصر، وده رقم أقل بكتير من الرقم الواقعي اللي بيتقدر بحوالي 350،000 لاجئ موجودين حسب الإحصائيات الرسمية، الفجوة الكبيرة في الأعداد المسجلة والأعداد الحقيقية ممكن تكون بسبب تأخر الوكالة في حصر وتسجيل الأعداد لأن العملية دى بتاخد حوالى 6 سنين عشان تتم، وقال مصدر رفض ذكر اسمه ان كتير من اللاجئين مش هيسجلوا نفسهم لأنه من الأسهل بالنسبة لهم انهم يندمجوا فى المجتمع الجديد بدون إجراءات رسمية أو لأنه بيبقى عندهم شعور كبير بالإحباط من عملية التسجيل نفسها. 

وطنى التاني

 لما "بشار" وصل مصر انتقل لحي الهرم، بيقول صاحب الـ 25 سنة اللي أول ما عرف بوجود الحي السوري في 6 أكتوبر نقل سكنه فيه" الناس في الهرم كانوا لطاف جدا معايا، بس كنت لسه حاسس اني غريب، لكن انا هنا في الحي السوري عايش بين السوريين وحاسس انى بنتمى ليهم واني في مكان يشبه وطنى الأول سوريا، يعنى كأني في وطني التاني." وبيشرحلنا وهو قاعد في محل الألكترونيات اللي بيشتغل فيه قدام ميدان الحصري في 6 أكتوبر، المكان اللي بيسكن فيه الآلاف من المواطنين السوريين " وفرة المساحات الخضراء في المنطقة و الهواء الأقل تلويثا و عدد السكان الأقل من القاهرة خلوا 6 أكتوبر هي المكان الأنسب للسوريين اللي هربوا من الحرب  لأنه الجو هنا بيفكرنا شوية بالجو في سوريا."  

بيحكي؛ "لما كنا في سوريا ماكنش مسموح لنا نفضل بره البيت أول ما الساعه تيجي 5، لكن هنا بتبقى الساعة 11 بالليل والناس في الشارع عادي" بيكمل بابتسامه " هنا بقدر امشي وانا مش سامع صوت البنادق، بقدر أمشي وأنا حاسس بأمان، على عكس سوريا اللي كنا لما بنمشي في الشارع بنحتاج نبص حوالينا في كل حته عشان خايفين انه نتقتل او يتم الاعتداء علينا." وورانا صورة لحي "المليحه" اللي كان بيسكن فيه في سوريا وحاله بقى أشبه بمدينة الأشباح اللي اتدمرت بالبراميل المتفجرة، بس رغم الجو الآمن، الحياة في مصر بعيدة كل البعد عن انها تكون آمنة بشكل كامل  للاجئين السوريين لأننا باستمرار معرضين اننا نكون ضحايا للجريمة والتحرش وعمليات الاعتقالات العشوائية."

طبقاً لـ هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch، السلطات المصرية احتجزت ورحلت مئات اللاجئين السوريين على مدار السنين اللي فاتت ،وأصبح الحصول على الإقامة والتأشيرة صعب بشكل متزايد، ووفقاً للإتفاق بين الحكومة المصرية ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، السلطات المصرية هتمنح "حسن النية" للاجئين المقيمين في مصر -اللي بيقعوا ضمن تصاريح الإقامة الخاصة بالمفوض السامي- لكن حسب كلام بشار، تجديد جوازات السفر والحصول على تأشيرات الإقامة بقى بيتم بشكل بيروقراطي صعب وان أحيانا بيتم اعتقال الكتير من السوريين لأن مابيبقاش معاهم بطاقات هوية.

  

بيحكيلنا بشار كمان عن اخوه اللي جه معاه مصر، وبعد كده سافر السعودية سنة 2013 بعد الترهيب اللي كان بيحصل للأجانب بعد عزل مرسي، لأنه تم اتهام الكتير من السوريين علانية بدعمه، بيشرح بشار؛ " كتير من السوريين سابوا مصر ومشيوا بعد 30 يونيو لأنهم بطلوا يحسوا بأمان."  

اﻹﺣﺻﺎئيات اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟلي ﻗدﻣﺗﮭﺎ اﻟﻣﻔوﺿﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﺷؤون اﻟﻼﺟﺋﯾن رصدت ﺗراجع ﻓﻲ ﻋدد اﻟﻼﺟﺋﯾن اﻟﻣﺳﺟﻟﯾن رﺳﻣﯾﺎ، واﻟلي ﺗﺟﺎوز 140،000 لاجئ ﻓﻲ 2015. بينهى بشار كلامه معانا؛ "أنا بحلم أني أرجع وطني سوريا بمجرد إنتهاء الحرب" ولما سألناه حتى وبيتك وبلدك متدمرين؟ جاوب من غير تردد "أيوة طبعا، لو احنا الشباب اللي عمره 25 سنة مش هيبني سوريا من تاني يبقى مين اللي هيبنيها، يمكن احنا سيبنا وطنا ومشينا دلوقتي، بس إحنا مانقدرش نعيش من غير بلدنا."  

أقرا الموضوع كامل بالإنجليزي من هنا 

ترجمة: آية حسان 

Photography by Ahmed Najeeb.

 

Home
خروجات النهاردة
Home
Home