• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
وزارة الأوقاف منعت 20 ألف زاوية من تقديم خطبة الجمعة
الموضوع اللي فات
قوافل تعليمية بتضم مدرسين من كل المحافظات لطلبة ثانوية عامة في شمال سيناء

"ثورة ولا فلول": ليه الناس بتقيّم الفنان بموقفه السياسي؟

اللي فيكم ما بيغلطش يروح يحاسب مريم

من شهر تقريبًا تم عرض فيلم "القضية رقم 23" في سينما زاوية، وسط دعوات لمقاطعة الفيلم بسبب تطبيع مخرجه زياد دويري وتصويره فيلمه السابق "الصدمة" في إسرائيل، موقف السينما كان محايد جدًا، لما قالوا للمعترضين تعالوا اتفرجوا على الفيلم ببلاش عشان ماتبقوش بتدعموا مطبع، واتناقشوا معانا فيه لو شايفينه بيحمل أي فكر أنتم ضده.

وقتها بدأت أفكر: هل ينفع نحكم على الفنان بموقفه السياسي؟ طيب وامتى نشوف ده موقف سياسي وامتى نشوفه أخلاقي؟ وهل صح إن الفنان يعلن موقفه ولا مفروض يخبيه؟ خصوصًا لو كان فنان شاطر فعلًا زي زياد الدويري. اظن أول مرة جيلي حضر الإشكالية دي كانت في 2011 وقت ثورة يناير، لما كل الفنانين أخدوا مواقف مع أو ضد، وبدأنا نحكم عليهم من خلالها، فيه منهم كتير كانوا أذكياء كفاية إنهم ينزلوا المظاهرات من غير ما يتكلموا ولا يرغوا كتير، وكتير تانيين منهم طلعوا اتكلموا وخرفوا في التليفزيون سواء كانوا مؤيدين لمبارك أو معارضين ليه، وده خلى الناس تاخد مواقف ضدهم مابينسوهاش.

خلينا نرجع للموضوع من أوله، الموضوع مابدأش في 2011 ومتهيألي موجود من بداية الخليقة، بس خلينا نتكلم عن "أم كلثوم" قبل ثورة 1952، لما كانت بتغني للملك، بتغنيله عشان لازم تعمل كده وعشان ده السائد في وقتها، أو عشان بتحبه، ماحدش يعرف هي جواها كانت بتفكر ف إيه؟ بس جمال عبدالناصر كان بيحبها وبيحب صوتها، بيحبها من قبل ما يبقى رئيس جمهورية، ولما قامت الثورة واتمنعت أغانيها عشان هي مؤيدة للملك، هو اللي رجعها تغني تاني، وغالبًا مفكرش إن ليها موقف سياسي كان مع الملك، ولما غنت بعد كده للثورة صدقها عادي عشان هو بيحبها وعلى هواه.

يمكن كانت غلطة أم كلثوم إنها غنت لحاجة معينة، عكس فيروز اللي ماغنتش لأي تيار أو اتجاه، وعشان كده كان صوتها هو الحاجة المشتركة الوحيدة اللي بيسمعها لبنان والشام وسط الحرب الأهلية والخلافات الدايرة اللي بتوصل للقتل، بس موقفك من صوت فيروز هيتغير لو عرفت إنها مؤيدة لحزب الله زي ما ابنها زياد قال مثلًا؟ طيب موقفك من زياد الرحباني نفسه هيتغير لو عرفت إنه ضد ثورات معينة في العالم العربي؟

الفنانيين نفسهم مواقفهم اتغيرت وعرفوا إن الفن مالوش علاقة بالسياسة، فالموقف اللي انت اخدته معاهم او ضدهم مبقاش موجود دلوقتي، في لقاء ظهر فيه خالد الصاوي في 2011 مع منى الشاذلي، كان بيشاركه في الحلقة صلاح عبدالله وجيهان عبدالله، قال وقتها إنه مش هيشارك في أي عمل بيشارك فيه حد ضد الثورة، اعمل سيرش عن اسمه دلوقتي وشوف الأعمال اللي شارك فيها كده! عشان ببساطة التاريخ بيكتبه الكسبان!

ولأن الثورة بقت مجرد أحلام عاشت في مخيلتنا، ففيه ناس تأييدها للثورة أذاها، زي عمرو واكد اللي كتم على الخبر خالص ومابقاش يجيب سيرته عشان يعرف يشتغل، وزي خالد أبو النجا اللي مابقيناش نشوف شغله دلوقتي خالص، رغم إنه من أحسن ممثلين جيله، ورغم إنه بيحب السينما فعلًا وكان بيشتغل من غير أجر أحيانًا مقابل إنه يعمل فن يعيش، وفيه ناس تانية احتفظوا بموقفهم ده لنفسهم رغم إن الناس عارفاه زي خالد النبوي مثلًا اللي مظهرش يتكلم عنه في برامج لأنه في النهاية فنان، لكننا شفناه في الميدان وموقفه في الكومنتات بيوضح لما حد بيشتم يناير.

اللي حصل في 2011 ماكنش لأول مرة يحصل، يعني مثلًا محمد فوزي اتقال إنه اتظلم بسبب موقفه من ثورة يوليو وإنه مامجدش في عبد الناصر، على عكس عبد الحليم، وده اللي خلاه مايحظاش بنفس الاهتمام اللي حظاه "أبناء ثورة يوليو".

"القائمة السوداء" ده المصطلح اللي حطيناه لأي حد شفناه ضد آراءنا وثورتنا، ووقتها حماسنا الثوري خلانا ناخد الموقف ده، بس مين فينا موقفه ماتغيرش خلال الـ7 سنين اللي فاتوا؟ وحتى لو موقفنا ماتغيرش، مين قال إننا مفروض نحاسب الناس على موقفهم فيما يخص "أكل عيشهم"؟ ووقتها إيه اللي هيفرقنا عن السلطة اللي بتحارب اللي ضدها في شغلهم؟

الموضوع بيحمل جزءين، يعني هل الموضوع مجرد موقف سياسي ولا وصل لموقف أخلاقي؟ لكن اللي بيفصل بين إيه الأخلاقي والسياسي هو معاييرك الشخصية، ممكن مثلًا تحس التأييد لزعيم معين هو تأييد لقيم أنت ضدها فترفض الفنان، وممكن تحس إنه مدام ماطلعش قال إن فيه سكس وعلاقات جنسية كاملة يبقى عادي ممكن اسمعه أو اتفرج عليه، وممكن تحس إن كل ده مايهمكش لو هو بيقدملك فن أنت قادر تقبله وبتحبه.

الفن بيحرك مشاعرنا وبيخلينا نكون مواقف ونبني آراء، ويمكن يخليك تقول انا ضد الفلول عشان الفن المفروض يدعم الحريات، بس هيبقى موقفك ايه لما تعرف إن أغلب الفنانين اللي كونوا وشكلوا جوانا وكنا بنغني كلماتهم في الميادين، هما اصلًا مش مع الثورة، ولو اكتشفنا إن رأي الفنان ضدنا، ساعتها بنقوم الدنيا كلها عشان هو مش شبههنا، أنا شخصيًا مش عارفة أحدد أنا أحب اسمع رأي فناني المفضل ولا أفضل أتوهم إنه بيؤمن بحاجة معينة شبهي عشان أفضل أحبه؟ وهل أنا هقدر رأيه ده ولا هبقى شايفة إنه متخلف! فيه فنانين كتير زي منير خسروا جزء من جمهورهم لما قرروا يعبروا عن آراءهم، والحقيقة مش قادرة أحدد سبب خسارة الجمهور دي كانت بسبب إن رأيهم مختلف، ولا بسبب إنهم أغبياء وقالوا رأيهم في وقت غلط بشكل غلط؟!

أنا مش عايزة أمسك العصاية من النص، ولا عايزة أقول إن أنت حر في الآخر في موقفك السياسي وموقفك الفني من أي حد رأيه مختلف عنك، لأنك مش مستني موافقتي، بس أنا ماعرفتش ابطل اسمع لطفي بوشناق واعيط وهو بيقول "أنا في سبيل الله ما صنع الهوى بليت بجرح ليس يشفيه دوا"، حتى بعد ما عرفت إنه ضد الثورة التونسية، وبكل التخريف اللي طلع قاله عمرو مصطفى ده، فضلت أحب أغانيه، خصوصًا اللي لحنها لعمرو دياب، وفضلت شايفاه ملحن شاطر بيشكل جزء من ذكرياتي، ومعرفتش احكم عليه غير بفنه، لأنه في الآخر ده أكل عيشه، طول ما هو مقررش يبقى أوفر ويترشح لمجلس الشعب يعني.

بقدر افهم انك ممكن تقاطع فنان عشان متكسبهوش فمتشتريش البوماته أو متدفعش تذاكر سينما ليه، لكن لو اصلًا احنا مبنكسبهمش حاجة يبقى ليه نمنع نفسنا من المتعة؟ 

Home
خروجات النهاردة
Home
Home