• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
تكريم إمام في أسوان علَّق صور شهيد مسيحي في المسجد
الموضوع اللي فات
فيلم جديد بطولة عمرو دياب ودينا الشربيني وتأليف تامر حبيب

الفيلم الإيطالي "Ricordi" هل تنقذنا الحقيقة من سجن الذكريات؟

الحزن مُعدي وأقوي من الفرح
الفيلم الإيطالي "Ricordi"

تشهد الساحة السينمائية حالياً حدثاً هاماً وهو فاعليات بانوراما الفيلم الأوروبي، المقامة من 7 – 17 نوفمبر الحالي  ونستعرض من خلاله أهم و أجمل العروض السينمائية وتحليلها.

فيلم اليوم هو الفيلم الإيطالي "ذكريات Ricordi" للكاتب والمخرج  Valerio Mieli، بعد غياب 9 سنوات عن الساحة السينمائية يعود بفيلم مختلف، لفت الأنظار بمهرجان فينسيا السينمائي 2018 وحاز على جائزة أفضل فيلم وجائزة التميز للكاتب والمخرج وأيضاً جائزة أفضل ممثلة Linda Caridi  عن جدارة، في دور صعب أتقنته باحترافية شديدة.

يشاركها البطولة الممثل الإيطالي Luca Marinelli والذي لا يقل إبداعاً وروعة في تقديمه لهذا الدور المعقد. تبدأ الأحداث باللقاء وكيف تقابل هذين الحبيبين المتناقضين، فهي مرحة محبة للحياة، مشرقة و صاخبة وثرثارة، أما هو فدائم الحزن، قليل الكلام هذيل الطاقة مفعم بالهموم وأسير كل سيء بالماضي، فتسأله ببراءة: "لماذا لا تتكلم؟"   يجيبها: " لا أريد أن أحزنك".

نجد أنفسنا نبحر في عقول الأبطال بمنتهى السلاسة دون أن نشعر ومن هنا تبدأ روعة السرد في هذا السيناريو المميز والصعب، الذي يأخذنا برحلة لمدة 146 دقيقة في ذكريات الأبطال ذهاباً وإياباً دون ملل أو تشتيت. flash backs من خلال الصور البراقة والسعيدة لنعلم أننا بعقل البطلة التي تقاوم حزن حبيبها طوال الوقت وتحاول أن تخرجه من سجن ذكرياته الأليمة، ثم يسترسل بنا السرد بروعة إلي ذكريات أكثر ظلمة وخواء، لنجد أنفسنا بعقل البطل دون الحاجة لأي توجيه مباشر أو راوي مسموع يوجهنا كمشاهدين وهذه من أقوى نقاط السيناريو التي استطاع المخرج تقديمها بشكل فريد، ويتضح لنا هنا أهمية أن يكون المخرج هو الكاتب نفسه في هذه النوعية من الأفلام، لتوصيل كافة العناصر السينمائية بيسر دون إقحام.

تتطور العلاقة بين الحبيبين، تغزل التفاصيل الجميلة بينهم قصة حب حقيقية ومؤثرة غير مفتعلة، لكن تخترقها الذكريات المدفونة في نفس كل منهما. قد تتجمد بداخلك الذكريات ولكنها لا تفنى، ننسي ولا نغفر وتظل عالقة بداخلنا لحين استرجاعها، مثلما جمد البطل جثة كلبه الحبيب كي لا يفقده، ثم جمد حبيبته في خياله كي لا يقع ضحية فقد كل شيء يحبه، فهو دائم الخوف من الألم والفقد.

حتي نصل لذروة الأحداث و تبادل الأدوار بين الحبيبين، فالحزن مُعدي وأقوي من الفرح، فتصاب به الحبيبة ولا تقوى على الاستمرار في سعادتها أمام بؤس حبيبها الدائم، فترحل في ألم رغم ادعائه التغيير والفرح.

يتخبط كل منهما في دروب حياته لسنين طويلة، كل منهما يعبر عن ذكرياته مثلما يراها هو بعقله.  وهنا تلعب المؤثرات البصرية من إضاءة وتصوير أدوارا هامة جداً، تسحر المشاهد مع موسيقى تصويرية في غاية  البساطة والروعة، خصوصاً بمشهد الفراق الذي تم تناوله مراراً وتكراراً بوجهات نظر مختلفة، لكنها تعبر عن وجع أصحابها المرير في كل مرة.

يقع الأبطال في فخ "الاحتياج" للهروب من هذا الألم فيتزوج من فتاة العطر، ضحية أحبته بعدما شاهدت معاناته وانهياره فور استنشاقه لعطر حبيبته الأولى، هكذا هي الذكريات تعلق دائماً بالحواس كافة كالوشم و ترتبط إرتباطاً شرطياً حاداً بكل شبيه لها لكن فتاة العطر ترحل مكسورة الروح لعدم وجود مكان لها بقلبه، لقد جرحها من كثرة جروحه بفراق حبه الحقيقي والحبيبة فارقت من تخيلت أنها أحبت كي تُسَكن ألم هذا الفراق.

هكذا الحال بنا جميعاً، نتألم ونقطر دماً يلوث كل من يحاول هدهدة آلامنا ولا نستطيع التفرقة بين مشاعر الحب والهروب من الوجع، موجات من الذكريات الموجعة ترتطم بنا وبالأبطال طوال الفيلم، دون حتى أن نعرف اسما لهم، لأننا كمشاهدين نشاهد ما بداخل عقولهم. صور الذكريات هي البطل الرئيسي وليس الواقع الذي يحتاج لأسماء التعارف.

هل الحنين إلي الماضي   Nostalgia قادر علي إنقاذ الحقيقة من الفناء و إحياء ما دفنته الأوجاع المريرة..

الذكريات و الذكريات الجميلة فقط تبقي هذا الحب حياً للأبد..

فيلم رائع أنصح بمشاهدته.. استمتعوا..

يعاد عرض الفيلم يوم الجمعة 16 نوفمبر بقاعة عرض سينما كريم 1 بوسط البلد الساعة 4 عصرًا.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home