أراضي زراعية وحيوانات أليفة وفلاحين غلابة، ده المنظر اللي بتشوفه لما تدخل "أبو رواش" في الجيزة، زيها زي أي قرية موجودة في مصر، لكن الصورة دي بتتغير شوية لما تبدأ تشوف رسومات تعابين على أبواب البيوت، وبتتغير تمامًا لما تدخل بيت عيلة وتلاقي تعبان طوله متر ونص ماسكه طفل مايتعداش طوله 50 سم أو أقل، وبيشده ويلاعبه كأنه بيلاعب قطة صغيرة. حكايتنا بدأت من بيت عيلة "راشد الرفاعي" اللي كل أولاده بيشتغلوا في صيد التعابين والطيور الجارحة والزواحف، وهناك كانت مقابلتنا مع أحمد راشد الرفاعي.

"أنا اسمي أحمد الرفاعي عمري 32 سنة، بشتغل صياد أفاعي، ودي مهنتي من يوم ما اتولدت"، بالجملة دي بيبدأ "أحمد" كلامه معانا عشان نعرف إنه ماكانش اختياره إنه يشتغل في المهنة دي، لكنه مع ذلك حبها، "والدي عشان يجمد قلبي ويعودني على الشغلانة كان بيمسكني تعابين صغيرة مش سامة، ومع الوقت اتعلمت اطلع الصحرا اصطاد أو الأماكن الزراعية حسب الطلب المطلوب مني، وحبيت الصيد وسيبت المدرسة من 3 إعدادي" بيحكيلنا "الرفاعي".

"أكلهم وشربهم وعلاجهم ونومهم" بيتعامل مع التعابين ازاي؟

لو مربي حيوان صغير، هتخلي بالك منه، تأكله، تشربه، وتنيمه، لو مربي تعبان هتتعامل معاه ازاي؟ ده السؤال اللي سألناه لأحمد راشد الرفاعي عشان يرد علينا بمنتهى البساطة: "الحيوان مابيعرفش يتكلم لو تعبان مش هيعرف يقولي فأنا لازم أخلي بالي منه، أديله الأكل اللي بيحبه، وأديله الدش بتاعه كل يوم، ولو تعبان مستورد لازم اظبط درجة حرارة المكان لدرجة حرارة البلد اللي جاي منها عشان مايتعبش".

في حوش مزرعته واقف "الرفاعي"، ماسك في إيده "كوبرا" وهي مستكينة في إيده بمنتهى الهدوء، بيساعدها تغير جلدها ويقشره ويبدله وهو بيشرحلنا: "التعبان بياكل أكلة كل 4 او 5 أيام، ومع كل كام وجبة يعني حوالي كل 15 يوم بيغير جلده، كأنه بيغير التوب بتاعه". ثعبان الأصلة هو أكتر تعبان بيحب "أحمد" يربيه عشان زي ما بيقولنا: "المتعة فيه إنك بتجيبه 40-50 سم وبتأكله قدامك، بتحطله كتكوت أو سمان صغير، وهو يعصرها ويبلعها، لحد ما يوصل لـ50 متر".

أما وقت النوم بيمسك "الرفاعي" التعبان في إيده ويلفه ويبدأ يقرأ الأذكار ويقول: "اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" ويتطمن التعبان وينام، وزي ما بيقولنا:"هو بيحس بلمسة إيدي واطبطب عليه، فيحس بالطيبة والطمأنينة وإني مش هأذيه ومش هموته فينام بهدوء".

أي حيوان بتربيه لو مات بتزعل، الحال ده مش بس مع الحيوانات الأليفة، لكن كمان مع التعابين. بحكيلنا "الرفاعي": "كنت مربي تعبانين طولهم 5 متر ونص، بس ماتوا مني وزعلت عليهم عشان تعبت في تربيتهم، بس لما شرحتهم لاقيت إنهم اتصابوا إصابة كبدية غالبًا، وحاولت أعرف سببها عشان أعالجهم". قلة المعلومات المتوفرة بخصوص الزواحف في مصر، وتعود الأطباء البيطرين على الحيوانات الأليفة بس، بتخلي "أحمد" يحاول يوصل للحلول بنفسه، "أنت لازم تدور ورا مرض التعبان، لو جاله برد بديله علاج بشري، مابقاش كويس بديله مضاد حيوي، واجرب لحد ما اوصل للعلاج المناسب".

لو تعبان عضك بتعمل إيه؟

علاج سم التعبان موجود بس في مراكز السموم الموجودة في مستشفيات قليلة، زي طب الدمرداش، بيقولنا "أحمد": "أنا ببص للتعبان أعرف هو سام ولا لأ، ولازم أحدد ده بسرعة، لأنه لو عضني ممكن مالحقش نفسي وأموت قبل ما أوصل المستشفى، خصوصًا لو كنت بصطاد في مكان بعيد".

 5 أو 6 تعابين كبيرة في البيت ممكن تفترس الضحية وتعصرها لحد ما تموت وبعدين تاكلها، وممكن تبخ سمها في أي مكان، وعشان كده لازم يكون فيه حرص، وحتى الشاي بيتعمل بطريقة مختلفة. بيقولنا "الرفاعي": "والدي رباني إن الشاي لازم يبقى مغلي، وأنا بصبه لازم يعمل رغوة، لو معملش رغوة يبقى الكوباية مش نضيفة أو فيها سم وماشربهوش".

عضة وحيدة في 32 سنة عاشها أحمد الرفاعي كانت من عقرب، والعضة التانية كانت أثناء التصوير معانا، "لما بتقرص من عقرب بربط مكان القرصة عشان أحبس الدم واعمل حجامة لو معايا كوباية صغيرة، أو لو عضة تعبان، وباكل بصلتين تلاتة عشان المناعة وخلاص على كده"، الكلام ده اتأكدلنا عملي لما "أحمد" اتقرص فعلًا من عقرب أسود سام قدامنا، وربط مكان القرصة، ورغم الألم قدر يكمل اليوم معانا عادي، لكنه كان منتظر إنه يسخن ويتعب شوية بس. بيشرحلنا: "بعد القرصة أي مرض أو فيروس في جسمي بيختفي وبيديني مناعة".

بتجيب "التعابين" منين وبتوديها فين؟

مصر فيها 38 نوع من التعابين، 8 منهم بس أنواع سامة، ولأن مصر منقسمة بين أفريقيا وأسيا فأنواع التعابين كانت مقسومة بينهم، وزي ما بيقولنا "الرفاعي": "الصياد الماهر هو اللي بيعرف الأنواع السامة بسهولة، وحسب النوع المطلوب مني بخرج لمنطقة الصيد الموجود فيها، بس بعد كده بجيبه وازرعه في مكان تاني عشان لما يتطلب مني يبقى قريب وماضطرش أسافر أماكن بعيدة".

أيام، أسابيع، وشهور بيغيبها "أحمد" عن بيته عشان يصطاد الزواحف وزي ما بيقولنا: "طالما طلعت البر بغيب فترة، بشوف جرة التعبان في الأرض وأعرف مكانه فين، وأوصل للجحر وأحفر عليه وأجيبه، لو ماقدرتش أعمل كده يبقى بحطله جُبة زي بتاعة الصيد واخليها مفتوحة من ناحية واحدة واحطها على الجحر، واسيبها وآجي تاني يوم الاقيه وقع في الشبك".

اما عن سؤال بتعمل بيهم إيه؟ فجاوبنا: "التعابين المصرية بنوديها المصل واللقاح، والفئران لكليات الصيدلية والعلوم، أو أي حد بيطلب مننا أبحاث علمية بيعملها على الفئران"، اما التعابين الكبيرة بيأجرها المصورين والنجوم زي محمد رمضان عشان يتصوروا بيها ويرجعوها تاني، وأحيانًا بيخلوها معاهم للأبد، بيقولنا "الرفاعي": "احنا بنروض التعبان ونخليه مايعصرش حد ولا يأذيه، والمصورين بيشتروه يصوروا بيه الناس على الشواطئ الشعبية أو في الاستديوهات أحيانًا".

الرفاعية بيربوا عيالهم ازاي؟

شجرة العيلة كلها شغالة في صيد وتربية الزواحف والطيور، بيقولنا "أحمد": "احنا بنعلم الطفل وهو صغير يمسك التعبان ونربيه على الجرأة وجمدان القلب، ولاد وبنات، وهما مع الوقت بيحبوا الشغلانة ويسيبوا التعليم عشان بتجيبلهم فلوس بس أنا مش بجبرهم، الطفل لو حب التعليم هيكمل، بس لو حب الصيد هيطلع زيي من 3 إعدادي".

"ده شخص محوي" دي الجملة اللي بيقولها الناس على الشخص اللي مهما اتعض او اتقرص من تعابين مبيتسمش، والتعبان ميقدرش يقرصه، بس "الرفاعي" قالنا: "مفيش حاجة اسمها نحوي شخص، احنا شغالين في المهنة وبنتقرص ومعرضين للخطر يوميًا"، وعن الممارسات الشعبية اللي بيعملها الناس بالتعابين حكالنا "أحمد": "لو فيه واحدة ست مبتلخفش بيجيبوها عندنا او في أي بيت ومحدش بيقولها حاجة، ونرمي التعبان في عبّها عشان تخلف، بس دي كلها في النهاية حاجات بأمر ربنا".

.Shoot by @MO4Network's #MO4Productions