• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
النائب العام أمر بحجب "الحوت الأزرق"
الموضوع اللي فات
توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري في 2018 و 2019

تلحين القرآن بالموسيقى: بين محاولات "عبد الوهاب" ورفض "أم كلثوم" وتحريم الشيوخ

كتير حاولوا وكتير حرّموا

في محلات بيع شرايط الكاسيت في مصر، بتلاقي البومات المطربين وبجوارها شرايط بصوت كبار المقرئين للقرآن، زي الحصري أو عبدالباسط عبدالصمد أو محمد رفعت أو الطبلاوي، المصريين كانوا بيشتروا الشرايط وبيشغلوها في البيت مش بس عشان يباركوه أو يذكروا الله، لكن كمان عشان بيطربوا لسماع القرآن بالأصوات دي. عشان علم وفن ترتيل القرآن كبير، لكن على الرغم من ده فيه اختلاف عليه، الملف اللي اتفتح في مصر الستينيات ماكنش بخصوص ترتيل القرآن بس، لكن كمان إمكانية تلحينه باستخدام الآت موسيقية أو على الأقل باستخدام القواعد الموسيقية.

الرأي الفقهي في حكم قراءة القرآن بالتلحين دون استخدام أي قواعد موسيقية اختلف فيه العلماء، الإمام مالك كان شايف إن ده مكروه، أما أبو حنيفة والشافعي كانوا شايفينه جائز، لكن القراءة بالتلحين ليها شروط، زي إن اللحن ده مايطغيش على صحة الأداء ولا سلامة الأحكام، ومايتعارضش مع وقار القرآن وجلاله ومع الخشوع، ولازم تكون ألحان فطرية وطبيعية من غير تصنع من القارئ، وبحسب الفتاوى فده اللي كان يقصده الرسول لما قال: "ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن".

مع ذلك فأعظم المقرئين هما اللي بيقرأوا على المقامات الصوتية اللي بيدرسها الموسيقين، مثلًا مقام "الصبا" بيستخدم في الآيات اللي فيها حزن، و"النهاوند" في آيات الحب، و"العجم" للمناجاة والهيبة، و"البيات" للعراقة والأصالة والمباهاة، "السيكا" لإظهار الفرحة والسرور، و"الحجاز" للحنين والشوق والتأمل، "الكرد" للتعبير عن العذاب والآلم، وغيرها من المقامات، لكن فكرة تلحين القرآن فضلت فكرة صعبة القبول بين الناس خصوصًا المشايخ.

في عدد مجلة الهلال 1970، كتب رجاء النقاش افتتاحية تساءل فيها ليه فيه فصل بين القرآن وأشكال الفنون المختلفة زي السينما والمسرح والموسيقى؟ على الرغم من إن الإنجيل بيستخدم في الخارج في الأفلام وبيتم تلحينه وده بيساعد على نشره، ماقالش "النقاش" بشكل صريح إيه شكل اتحاد القرآن بالفن اللي هو عايزه، لكنه طرح سؤال لسه ماتمتش الاجابة عليه، وإن كان حاول البعض يعمل ده على استحياء.

في نفس العدد من مجلة الهلال، كان فيه تحقيق بعنوان "تلحين القرآن بين أهل الفن ورجال الدين"، أم كلثوم كانت شايفة إن القرآن أكبر من الموسيقي وإن أي كلام عن تلحين القرآن الأفضل إغلاقه، وإن موسيقى القرآن "النورانية" كافية لبث الهيبة في نفس المسلمين.

أما محمد عبد الوهاب اتبنى فكرة تلحين القرآن وكان حجته في الأمر ده، إن الآيات فيها تعبيرات مختلفة عن الرحمة والغفران والعذاب والجنة والنار، وكل المعاني دي بيؤديها القراء على نمط واحد، لكن لو تم تلحينه هيوصل المعنى بشكل أفضل، واعتبر ده نوع من أنواع "تدبر القرآن"، بحسب كلامه": ": تدبر القرآن إذا هو منطلقي إلى فكرة تلحينه، وهو أيضًا شفيعي ودليلي والنجم الهادي الذى يلهمني فكرتى، وأنا أعرف سلفًا أن كلمة مثل التلحين تثير مخاوف الكثيرين، وكفيلة بأن تصدم مشاعرهم، إذ ربما يقترن فى أذهانهم التلحين المتواتر للكلام العادي بما يتنافر مع جلال القرآن، وربما ظن آخرون أن التلحين هو الأداء بفرقة موسيقية أو البعد عن الدراسة الوافية للنطق في القرآن أو الإفتئات على قوانين التجويد الصحيح".

"عبد الوهاب" كان مدرك إن اللي بيقوله هيفاجئ الناس ويخضهم، وعشان كده قال إن ممكن نقول عليه "أداء منغم" بدل من كلمة "تلحين" اللي بتثير الناس، وكان شايف إن التلحين هو إضافة للتجويد مش إلغاء ليه، وإنها محاولة "خاشعة" بتشجع الناس على تدبر معاني القرآن أكتر.

في كتاب بعنوان "عبد الوهاب" قالت الكاتبة لوتس عبد الكريم إن "عبد الوهاب" قال إنه مش لازم يتم استخدام الآت الموسيقية، لكن يتم إعطاء كل كلمة حقها في اللحن المناسب لموضعها وإحساسها ومايتركش الأمر للارتجال حسب مزاج كل قارئ، وقال أنيس منصور في مقال اتنشر في جريدة "الشرق الأوسط" إن عبد الوهاب اسمعهم في جلسة تلحينه لآيات من سورة "الرحمن"، وسأل "هل يمكن مصاحبة اللحن موسيقى هادئة؟" واسمع الحضور في الجلسة، لكن الكل تردد في خروج التسجيلات دي أو الإفصاح عن ده وماحدش قدر يقول إن "عبد الوهاب" حاول يلحن القرآن.

ماعرفش امتى اتقال الموضوع ده أول مرة قدامي، لكني سمعت إن التسجيلات النادرة ل"عبد الوهاب" الموجودة في بيت "فاروق جويدة"، فيها محاولات تلحينه لبعض آيات القرآن.

في تحقيق مجلة "الهلال" عن تلحين القرآن، مسك رياض السنباطي العصاية من النص بإنه قال إن دي فكرة عظيمة لكن لازملها شروط وشروطها شبه مستحيلة، يعني مثلًا لازم الملحن يدرس القرآن وأحكام تجويده ونزوله وتاريخ الدين الإسلامي والسنة، ولازم يكون عاصر كبار المقرئين عشان يقدر يلحن بميزان حساس مايتنافيش مع عظمة القرآن، وإنه يتفرغ للقرآن تمامًا مايعملش اي حاجة تاني، ويكون مثال للمسلم الصحيح في حياته.

لما اتفتحت القضية دي سنة 1970 كان للشيوخ رأي مختلف عن رأي المطربين والموسيقيين، مفتي الجمهورية وقتها محمد خاطر قال: "أقل ما توصف به الدعوة إلى تلحين القرآن أنها حرام وتخالف أحكام الدين، فالحلال فى الدين بيّن والحرام بيّن"، وبيكمل المفتي كلامه وبيقول إن للقرآن آداب، وإن فيه أحكام تجويد ومد، والتلحين هيخرج كلمات القرآن عن طبيعتها ويغير مقاصدها، ويصرف الناس عن تدبر آيات القرآن إلى الدندنة، واعتبر المفتي دعوة تلحين القرآن "فتنة نائمة لعن الله من أيقظها".

الشيخ الحصري كمان رفض تلحين القرآن واعتبر إن التجويد هو أعظم تلحين، أما عبد الباسط عبدالصمد، قال إن القرآن ملحن بطبيعته وقال إنه بيبيح قراءة الآيات بنغمة زي الصبا أو السيكا أو الحجار، لكن مش بتلحينها بالقواعد الموسيقية.

ده رأي الشيوخ القدام، ولما اتفتح الموضوع واتسأل علي جمعة، قال إن تلحين القرآن حرام عشان ده نص مقدس، ممكن تقرأ الفتوى كاملة من هنا.

ماكانش "عبد الوهاب" وحده اللي حاول تلحين القرآن، لكن الشيخ زكريا أحمد عرض الفكرة على الأزهر ولكنهم رفضوها، وفي عدد المصور 1961 بعد وفاته كان العنوان، "مات شيخ الملحنين أراد أن يعيد تلحين القرآن". مع ذلك اقتبس كتاب كلمات من القرآن ضمن أغاني وتم تلحينها، زي لما عمل "عبد الوهاب" في أغنية "دعاء الشرق" وخلى الكورس يقول كلمات من سورة الضحى زي ما بيقول الإمام في المسجد.

وزي لما قالت أم كلثوم في الثلاثية المقدسة "والضحى والليل أن ما سجى" وتشابهت الكلمات مع سورة الضحى: "والضحى والليل إذا سجى" ولحنها السنباطي.

من فترة قريبة انتشر مقطع لإندونسيين بيغنوا القرآن ملحن واتقلبت الدنيا هناك، حتى إنهم قالوا إن اللي عمل المقطع ده مسيحيين حاولوا يتقربوا للإسلام وماكانوش يعرفوا إن ده حرام.

وفي فيلم "باب عزيز" التونسي، قرأ المنشد السوري "حمزة شكور" بعض آيات من سورة "آل عمران" على خلفية لموسيقى هادئة. وفي أغنية "شمس" للمطرب الإيراني محسن نامجو، بيلحن عدد من آيات القرآن الكريم وبيربطهم ببعض، لكن كان نتيجة ده إنه اتحكم عليه غيابيًا بالحبس 5 سنوات في 2009.

ده تسجيل نادر لكاظم الساهر بيقرآ قرآن، ويمكن يكون حاول تلحينه هو كمان وماعرفناش حاجة عن المحاولات دي.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home