• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
الكويت هترجَّع التجنيد الإجباري
الموضوع اللي فات
الدراسة بدأت في مدرسة الضبعة اللي هتدرب طلبة يشتغلوا في المفاعل النووي المصري

الرحبانية.. الأسطورة اللي عملت أسطورة فيروز

عشر ليرات كانوا سبب في كل اللي وصلنا من الرحبانية

- سرِّع شوي عاصي.. سرِّع يازلمة هيك راح نتأخر
- تعا لهون شوف شو لقيت
- ليك تؤبرني شو هايدا، عشرة ليره؟!
_ إيه... الحين بقدر اشتري الكمان اللي بدي اياه..
_ ايه، لكن أول لازم نحكي كل شي لبابا، أنت بتعرف شو بيقدر يسوي لو عرف إن نحنا لقينا شي وما حكينا

"حنا إلياس الرحباني" أمر أولاده إنهم يعلقوا ورقة العشر ليرات اللي لقوها على حبل فى وسط القهوة، لحد ما يتعرف عليها صاحبها اللي نسيها، فاتت تلات أيام والورقة لسه متعلقة مكانها، فيقرر عاصى إنه يقلد الورقة ويستبدلها باللي متعلقة على الحبل من غير ما والده ياخد باله، وينزل على طول على بيروت يشتري "كمان" قديم، يبدأ معاه يتعلم مزيكا، وتبتدي معاها أسطورة الأخوين رحباني.

"حنا" والد الأخوين رحباني، كان شخصية فريدة من نوعها، على الرغم من سلوكه المحافظ جدًا واللي فرضه على عيلته وعلى المطعم والقهوة اللي امتلكها فيما بعد، إلا إنه كان كل ليلة يلم الناس اللي في المطعم وأولاده حواليه علشان يبدأ يعزف على آلة "البزق"، وهي آلة قديمة شبه العود لكن أصغر. دي كانت البيئة اللي طلع فيها الأخوان رحباني وشربوا المزيكا. كان في برضه حواديت الجدة "جيتا". "

"جيتا" تبقى جدة الأخوين رحبانى من والدتهم، وكان ليها تأثير علي تكوين شخصيتهم وأعمالهم الفنية، واستمر التأثير ده لآخر عمرهم.
 
كانت الجدة اللي مااتعلمتش ولا راحت المدرسة، حافظة أغلب الحواديت الخرافية والأسطورية القديمة، بالإضافة لبطولات القباضيات اللي هم عيلة الأخوين رحباني حاجة كده زي "السيرة الهلالية" عندنا، والحواديت دى فضلت مُلهمة للمسرح الغنائى للأخوين، واللي شكل مع الزمن أهم حاجات بتميز المدرسة الفنية الرحبانية.

لما تم عاصي 14 سنة عمل مجلة سماها "الحرشاية"، كان بيكتب فيها مقالات وأشعار ويمضى بأسماء مستعارة، علشان يوحي للناس إن فى فريق تحرير وراها. منصور اللي كان بيعشق الشعر من وهو صغير، قرر هو كمان يعمل مجلة ينافس بيها أخوه، وسماها مجلة "الأغاني". لما تم 15 سنة، حقق عاصى حلمه فى امتلاك آلة كمان بعد ما لقى 10 ليرات على الأرض في قهوة والده، وفي نفس السن تقريبًا قابل هو ومنصور الأب "بولس الأشقر".

معرفتهم بالأب "بولس" تعتبر أول خطوة فى طريق رحلتهم. طلبوا منه الانضمام لفريق أناشيد الكنيسة، لكنه وافق على انضمام منصور بس؛ كان ساعتها عنده 13 سنة وماكنش صوته أخد الطابع الرجولى، على عكس عاصي اللي بدأ صوته يخشن، لكن الأب "بولس" سمح ل "عاصي" إنه يساعده فى تلحين الأغاني، بعد ما قرر يعلمه الموسيقى.

غَرف "عاصى ومنصور" من كنز المعرفة الموسيقية اللي اتفتحلهم على إيد الأب "بولس" وكتبه النادرة، وقدروا بعد وقت قليل جدًا يبدأوا التأليف الموسيقي. فى المرحلة دى اشتغل "عاصي" وبعديه "منصور" فى البوليس، اختلفت أماكن خدمتهم، لكن لحسن الحظ مدير البلدية كان "وديع الشامي"، واللى كان من عشاق الموسيقى وكان بيشجع "عاصى" على استغلال موهبته. بعد الحرب العالمية التانية قرر الأخوان رحباني الاستقالة من شغلهم فى البوليس والتركيز فى الموسيقى.


في سنة 1947 بدأ "عاصي الرحباني" خطوة جديدة على الطريق، لما قدر يشتغل فى الإذاعة اللبنانية كعازف كمان، و كانت الإذاعة اللبنانية هي البوابة الحقيقية لأى شخص يقرر احتراف الموسيقى. وبعده بسنه واحدة تبعه أخوه منصور فى العمل بالإذاعة اللبنانية. العلاقة بين "منصور" و"عاصي" كانت فريدة ومميزة، كانوا عاملين زى التوأم الملتصق؛ كل ما واحد فيهم يفتح باب يشد أخوه وراه لنفس الباب. "منصور" حكى عن أخوه: "عاصي"كان مبين إنو ذكي ومميز وكانت كل العيلة بتحكي إنو راح يصير شاعر أو فنان، وإني في أحسن حالاتي راح أصير قاطع طريق أو بلطجي"

إنتاجهم كان متلاحم، سواء التلحين أو التأليف؛ كان من المستحيل فصل إنتاج كل واحد فيهم لوحده، كانوا بيكملوا جمل بعض سواء الشعرية أو الموسيقية للدرجة اللي تخليهم ما يفتكروش مين ألف إيه علشان كدة كانوا بيوقعوا على كل شغلهم حتى وفاة عاصي بـ "الأخوين رحباني".

أثناء وجود الأخوين بالإذاعة، بدأوا متابعة دراسة الموسيقى، لكن المرة دى الموسيقى الغربية، وابتدا يتكون ملمح جديد من ملامح مدرستهم، وهو الأغاني القصيرة واللي كانت حاجة جديدة وغير مألوفة؛ وقتها كانت أغنية أم كلثوم على سبيل المثال بتتجاوز الساعة ونصف وأحيانًا ساعتين، وكانت وجهة نظرهم إن تكرار الجملة ما بيدلش على الطرب وإن الطرب معناه "التفرد والإبداع".

1950، السنة اللي قابلوا فيها الأستاذ الكبير"حليم الرومي"، الموسيقار الكبير ووالد "ماجدة الرومي"، فى الإذاعة اللبنانية، وعرض على "عاصى الرحباني" الموهبة اللى هتغير حياته للأبد.. "فيروز".

"نهاد حداد" أو"فيروز" كانت وقتها عمرها ما يتجاوزش ال 15 سنة، وكانت جاية تغني في الكورال، لكن الرومى عرضها على "عاصي" واللي لحنلها أول أغنية ما بينهم فى مشوارهم الطويل، "الغروب".


كانت "فيروز" المُلهمة الأولى "للأخوين رحباني" وقدموا معاها مجموعة من أفضل الألحان والكلمات اللي اتغنت في تاريخ الغناء العربي. بجانب اللى قدموه مع فيروز، يعتبر من أهم إنجازاتهم على الإطلاق هي الإضافات اللي أضافوها للمسرح الغنائي، واللي كان خسر كتير بعد وفاة "سيد درويش". قدر الرحبانية يدمجوا اللي اكتسبوه من حكاوى الجدة "غيتا" فى المسرح الغنائي، وعملوا مسرحيات مهمة منها:
جسـر القمر – الشخص – ناطورة المفاتيح - الليـل والقنديل – جبال الصوان – المحطة - بياع الخواتم – يعيش يعيش – ميس الريم - أيام فخرالدين – صح النوم – لولو - هالة والملك – ناس من ورق – بترا. 


جواز عاصي وفيروز كان فتحة خير، مش بس علشان التركة اللي قدموها سوا، لكن كمان علشان الجوازة نتج عنها فنان مثير للجدل دايما لكن عبقرى، هو "زياد رحباني" واللى قدم أول لحن ليه وهو عنده 17 سنة أثناء فترة نقاهة والده "عاصى" من الجلطة الدماغية اللي أصابته، وكانت أغنية كتبها منصور الرحباني وعنوانها "سألونى الناس".
 


على الرغم من إن فيروز كانت صاحبة النصيب الأعظم من ألحان وكلمات الرحبانية، إلا إن الأخوين قدموا كلمات وألحان لفنانين تانيين، زى "صباح - وديع الصافي - نصري شمس الدين"، وبعد وفاة عاصي سنة 1986، قدم منصور الرحباني أشعاره وألحانه ل "غسان صليبا - هدى حداد - كارول سماحة - لطيفة" وغيرهم.

استمرت ريادة موسيقى الأخوين رحباني للمنطقة سنين طويلة، قدروا يوصّلوا فيها عن طريق فيروز، الموسيقى اللبناني المبهجة واللهجة اللبنانية لكل الناطقين بالعربية، مش بس كدة، لاء وقدروا يكونوا جزء لا يتجزء من حياة وذكريات وطفولة  وشباب ناس كتير جدًا، وزى ما كان النجاح رائع وجميل، كان الانفصال والأزمات اللي مر بيها الرحبانية مُرة ومؤلمة.
 
سنة 1972 اتصاب "عاصي" بجلطة دماغية استقر فى المستشفى بسببها لفترة طويلة، بعدها بسبع سنين توقفت مسيرة الأخوين رحباني مع فيروز بعد انفصال "عاصي وفيروز"، كنتيجة حتمية لفترة كبيرة من المشاكل والاضطرابات، وبكدة ينزل الستار عن فصل عظيم من حياتهم، فيروز.
استمر الأخوين الرحباني بعديها فى العمل لكن مع فنانين مختلفين، وكان "عاصي" فى آخر أيامه بيوصل اللي هو عايزه لأخوه "منصور" و صديقه "رفيق حبيقة"، واللي كانوا بيكتبوا اللي بيطلبه ويعيدوه عليه أكتر من مرة لحد ما يوصل للنغمة اللي فى دماغه. سنة 1986 دخل عاصي فى غيبوبة عميقة، وفى شهر يونيو من السنة نفسها، كان معاده مع آخر الألحان. عزف جنائزى مهيب بيتقدم الجمع وراه أخوه منصور ورفيقة العمر فيروز، بعد ما أسلم الروح لبارئها.
 
سنة 2009 لحق منصور بأخوه الأكبر، علشان تتلاحم أرواحهم من جديد فى السما زى ما كانوا متلاحمين فى الدنيا، وينزل الستار على مسيرة الأخوين رحباني المشتركة واللي مازالت عايشة وهتفضل عايشة للأبد..

بترجع ذكرى يا حبيبي عن عاصي و منصور
عَ أنطلياس العتيقة كلّ شي حولها جسور
بكرا بتشتّي الدّني و الطّرقات مزيّحة
بيبقى إسمن قدّ السّاحة ما عم ينمحى

 

Home
خروجات النهاردة
Home
Home