صباح أو مساء الخير حسب توقيت سماعك
الأغنية عن كل شخص قابلته في المدينة وباعك

"المدينة" هو الألبوم الأول لزاب ثروت مع ساري هاني، يعني ده مش ألبوم زاب لوحده، وعشان الصورة تكون واضحة برضه، دور ساري هاني في الألبوم هو دور موسيقي جدًا ودور زاب في الألبوم هو الرابر(كلمة رابر تطلق على الشخص اللي بيعمل راب) مسؤول عن الكلمات وأداء وطريقة تناول الموضوع من ناحية المحتوى، والحاجات دي هنروح لها بالتفصيل.

الأسماء الموجودة في الألبوم من أول حمزة نمرة وطارق الشيخ والعسيلي وهاني الدقاق وشيبة وطبعًا أمير عيد وشريف الهواري من كايروكي وإنجي نظيف، هي أسماء كبيرة في عالم المزيكا. السؤال التقليدي جدًا بقى: هل زاب ثروت استغل الكلام ده صح واستخدم المزيكا دي كما قال الكتاب؟ قبل ما نجاوب على السؤال، عايزين نتفق إن أهم حاجة بالنسبة  للمستمع هي النتيجة النهائية، وعشان نفهم ازاي النتيجة النهائية وصلت للشكل ده، سواء وحش أو حلو، لازم ندخل في التفاصيل شوية ونعرف إيه اللي حصل في الألبوم.

نخش في التفاصيل.. متقلقش مش مملة ومش كلام في الراب و بس يعني

المشكلة الأولى: ومش لازم تكون بتسمع راب عشان تكتشف المشكلة دي

أنا شايف إن أكبر مشكلة في الألبوم هي الكلمات. كتابة أي أغنية هو مجهود ذهني ومحتاج إبداع فني، عشان أنت بتختار كلمات ماتكونش مبتذلة ولا مستخدمه كتير أوي، ولا تكون سهلة أو تتوقعها، وأهم حاجة تبعد عن التقليدي والزخرفة والحشو اللغوي وكل الكلام ده. بعد كده تبني جُملة يكون لها معنى قوى ومؤثر في ودان المستمع، وما تكونش بتحمل معنى تربوي بقى وشغل التنمية البشرية ده، وفوق كل ده تكون واقعية  وبسيطة وغير مباشرة بسذاجة.

استنى لحظة! البساطة هنا مش معناها الاستهال في الكتابة أو اختيار أسماء أغاني مباشرة للدرجة دي، زي: الحرب - الغربة – الصحاب - السعادة – الدنيا، في الحقيقة أنا مش عارف إذا كان ده استسهال ولا كسل ولا ضعف في الكتابة؟ بس مهما كان السبب النتيجة سيئة جدًا يعني:
لكل طفل راح مدرسته اتعلم بقى شاطر
لكل شاب في جامعة لكل محاضراته حاضر

وأنتوا بتسمعوا أغنية الصحاب هتحسوا إنها أغنية "واقفة على الناصية" لمكي، ومن غير ما نتطرق لأغنية مكي، لكن هي نفس طريقة تركيب الجملة نفسها. المهم إن موضوع أغاني الصحاب مش بيتعمل كده خالص، عشان فكرة إن الموضوع يكون مباشر ده موضوع مرهق للمستمع جدًا ومافيهوش جديد ولا إبداع. طب ما فيلم "إبراهيم الأبيض" بيتكلم عن الصحاب عشري وإبراهيم، وأغاني المهرجانات عن الصحاب، وفي أغاني كتير عن الصحاب بس مش بالشكل ده خالص.

نفس حب الكورة فينا ولعبها اللي بالساعات 
هتلم فرقة هلم فرقة ونلعب على التيشرتات
ياما في مدخل العمارة سهرنا عشان الوقت اتأخر
والصبح للأتاري اليوم في ثانية كان يتبخر

مشكلة اختيار الكلمات كانت ممكن تتعالج لو كان تركيب الجملة نفسها مختلف عن كده يعني، يكون تناول الموضوع من زاوية تانية حتى لو نهاية أو مضمون الأغنية هو السعادة، بس فين الحبكة فين القصة فين التجديد. وكمان القوافي مستهلكة جدًا، يعني استخدمت كتير أوي وخصوصًا بالطريقة البدائية دي. الاستسهال في إنك تلاقي كلمات بديلة تحمل نفس الوزن واضح جدًا في أغنية "فارس"، من خلال تكرار القوافي:
ونبیل كلامه ثابت بكرة أحلى لو حاولنا
مش هنلوم الظروف والزمن وده حظ جیلنا
هنستحمل لامتى مستحملنا كتیر حاولنا
مش هارضى بالقلیل وهسمح تلوم في جیلنا

الأوزان المستخدمة ضعيفة ومستهلكة والودن زهقت منها، خد عندك في أغنية "المدينة": سماعك / باعك ، زاوية /خاوية ، شاطر/حاضر، يطول/يقول ، غش/عش، بروايز/عزيز، ظنك/سنك، مساكن/ساكن، قصص/حصص، حاجات/ساعات. في أغنية "الصحاب" مشكلة الاستسهال والكسل الكتابي واضحة جدًا:
في الفرح دايمًا جماعة وماينقصش منا واحد
في العزا تلقانا صف كتف في كتف وضهر واحد

ويرجع في آخر الأغنية يقول برضه نفس الكلمات والقوافي، إيه الاستسهال والكسل ده!
ورجعنا تاني صف واحد كتف في كتف وضهر واحد
كل أخواتي كانوا جنبي ومانقصش منا واحد

المشكلة التانية: نبعد شوية عن الراب

فاكرين فيلم كلمنى شكراً (أما المخرج قال لتوشكى أنت اوفر) نفس الموضوع هنا بقى. أنت بتسمع صوت، يعني محتاج إن الصوت ده يوصلك المعنى اللي الكلمة بتقصده (المعنى هنا مش مرادف الكلمة في اللغة العربية) المعنى المقصود هنا هو الإحساس بمعنى الكلمة. طب ازاى إذا كان المغني طريقته في الإلقاء مش معبرة كفاية؟ اللي هو بنقول عليه في المزيكا التمثيل صوتي، يبقى أكيد المعاني مش هتوصلك صح.

أغنية زي "المدينة"  مافيهاش أداء صوتي وإلقاء ضعيف جدًا وغير مناسب للمزيكا خالص، بالعكس، هو قريب جدًا من إنه  يكون محاولات تنتهي بفشل في السيطرة على الإيقاع الموسيقي، وكل اللي ممكن يكون الناس فرحانة بيه هو إن زاب حاول يكون عنيف عشان يمشي مع إيقاع الدرامز اللي هو إيقاع عنيف أو يدي انطباع هجومي، وتقريبًا ساري هاني عمل درامز صعبت الأمور على زاب. غير إن انفعاله مكرر على طول الأغنية؛ مافيش تدرج في الانفعال اللي بيتغير بالحدث، والمشكلة إن طبقة صوته فيها برود واضح ومش متأثر بالكلمات.

المشكلة الكبيرة وهي إن الحوت خير من الدود

مشكلة الكتابة والأداء والإلقاء دي مش في أغنية "الصحاب" بس أو "المدينة"، ولكن في كل الألبوم، خصوصًا أغنية "فارس" اللي بقى صعب السيطرة على المشكلة دي فيها، رغم إن الفكرة جميلة إنه شبه نفسه بالبحر اللي هيفرق الصحاب في شكل هجرة غير شرعية،  بس مشكلة الأغنية دي هي الإفراط في التعبير اللفظي.

الأغنية عبارة عن 3 أجزاء، الجزء الأول زاب ثروت يحكى القصة ما قبل المأساة والجزء التاني هي المأساة نفسها والجزء التالت ما بعد المأساة، لكن مافيش حاجة تميّز الأجزاء عن بعض، غير إدراكنا إن في كلمات مختلفة موجودة وتسلسل القصة، بس صوت وأداء زاب لا يدل على أي تغيير في أحداث القصة، وكل اللي موجود هو إفراط لغوي مافيهوش أي تعبير غير شوية زخرفة لغوية، غير إن الكلمات بعيدة عن الواقعية وكلها محن مصري زى ده:
كنت مستنیه یجیلي أصلي عرفت أنا قبلیه
ماهو مات مابین إيدیا ولسه في حضني أنا مخبیه

وبسبب أسلوب وأداء زاب المصاب بالجمود على طول الأغنية، الواحد حاسس إن الموضوع غير واقعي في طريقة التعبير عن المشكلة، اللي هي الهجرة غير شرعية. اسمع مثلًا أغنية الشاب خالد اللي اسمها "الهراجا" عن نفس الموضوع، أما قال فيها: "الحوت خير من الدود"، يعني إن الحوت اللي هو السمك ياكله، أحسن من إنه يموت في بلده بسبب الحاجات اللي أنتم عارفينها دي، شكل معبر عن المشكلة فعلا.

بس مش معقول مايكونش في حاجة حلوة في الألبوم!

لا طبعًا أنا مش مفتري للدرجة دي، في طبعًا حاجات حلوة كتير، زي وجود حمزة نمرة وطارق الشيخ والعسيلي وهاني الدقاق وشيبة وأمير عيد وشريف الهواري وإنجي نظيف و كل واحد فيهم عمل دوره على أكمل وجه. كمان ساري هاني موسيقي شاطر جدًا بس مش (هيب هوب بروديوسر)، المقصود هنا إنه مش بيعمل مزيكا راب، بس بيعمل مزيكا تانية بوب أو روك أو روك بوب أو أيًا كان التصنيف، فهي مش راب، عشان المزيكا الراب بتكون مختلفة عن البوب وخصوصًا الدرامز.

أخيرًا ألبوم زاب ثروت هو ألبوم راب أو نقدر نقول بوب راب ضعيف جدًا جدًا ولا يليق بالمستوى الفني الموجود تحت الأرض أو حتى فوق الأرض، وده يخليني اسأل نفسي سؤال مهم جدًا: طب هو ليه الناس بتستمع بزاب ومعجبة بالألبوم كده؟ الجواب بتاع السؤال ده سمعته من صديقي أما قالي الناس راحت تسمع زاب عشان زهقت من الموجود والتقليدي ومش عارفين إن في حاجات كتير تانية ممكن تتسمع.