• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
عقد زواج للمثليين في كتاب للصيغ القانونية بيتوزع في الشرقية
الموضوع اللي فات
قطر الملك "فاروق" هيعمل رحلات سياحية بعد 66 سنة من توقفه

"لو موتنا الفن ده هيموت معانا".. حوار مع فرقة مزاهر آخر ناس بتعمل زار في مصر

حلوة صلاة النبي بتملي القلوب أفراح، صلي عليه تنشرح، صلي عليه ترتاح

"الله لا يسامح الأفلام .. صورولنا الزار غلط" .. صوت طالع من راجل سوداني، قاعد على جنب ومستمتع بكل قولة ومديح ودقة على الطبل، هايم في ملكوت تاني. وما بين الفقرة والفقرة، بيكلم الناس اللي حواليه عن فن الزار، وبيشرحلهم إيه اللي بيحصل، والفرق بين الطنبورة السوداني والطنبورة البورسعيدي، وما بين الزار المصري والزار البلدي. كإنه بيديلك معلومات هو بس اللي عارفها، فـتحس إنك محظوظ كفاية عشان كان لك نصيب تقعد جنب الراجل ده.

بتبدأ القعدة بالصلاة على النبي، ودعوات إن صُحبتنا تبدأ ببركة بسم الله، ويبدأ مديح النبي.. 20 دقيقة، مدة زمنية قصيرة بتعيش فيها في جو تاني، ومن بعدها بتتاخد للعالم بتاعهم، لما يبدأ مع أول دقة على الطبل، دوشة من اللي قلبك يحبها.

طب البداية؟ بداية الفن ده كانت فين؟ بتجاوب الست مديحة صاحبة الـ - 68 سنة- وريسة فرقة مزاهر: "الفن ده أصيل، من الشعبيات من وقت ما ابتدى ولحد النهاردة وهيفضل، احنا بنقدم تراث الزار القديم اللي اتعلمناه كلنا من أهالينا، وأنا فتحت عينيا على الدنيا لقيته واتعلمته من والدتي اللي كانت ريسة برضه وبتقول الزار. أنا غاويته من وأنا عندي 11 سنة. والدتي اتوفت وأنا كملت"

أما عن فن الزار نفسه لما ابتدى، فكان عبارة عن الزار المصري أو الصعيدي، والطنبورة السوداني، وماكنش لسه فيه زار أبو الغيط، اللي عرفناه في الستينات لما جه واحد اسم "عم لطفي" دخل المديح في أبو الغيط بآلة الكولة، شبه آلة الناي بس باختلافات بسيطة.
و"أبو الغيط" ده المقام بتاعه في قليوب، زي ما في شيخ العرب في طنطا، وسيدي إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ.

لما فن أصيل يبدأ يتنسي، هتلاقي ناس بيظهروا عشان يحاولوا يحافظوا عليه ويقدموه بأحسن صورة، بتحكيلنا الست مديحة عن بداية "فرقة مزاهر": "الفرقة ماتكونتش بمزاجنا كده، احنا كلنا كنا عارفين بعضينا وأهالينا برضه عارفين بعض، وكنا "بنقول" سوا في الشوارع والحارات والبيوت، بس مش بشكل فرقة ونعمل مناسبات كده، ونغني للناس، ده حصل لما جمعنا الدكتور "أحمد المغربي"،  لما شافنا في مناسبة وأُعجب بأدائنا، جمعنا كفرقة وخلانا نسافر نعمل عروض برَّه مصر، بقدم الفن ده بقالي 18 سنة، روحنا فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا والسويد والدانمارك ولبنان، والناس بتتفاعل معانا وبيبقوا مبسوطين"

عشان تلاقي فنان يقنعك بـ فنه ويخليك تتأثر بيه، ده بيتطلب حاجات كتير، منها فن حقيقي بيوصلك بصدق من الفنان، وموهبة، وتطوير مستمر في الفن ده، حتى لو أصوله وقواعده ثابتين. بتحكيلنا الست مديحة: "أنا ربنا اداني (وهبة) من عنده، صوت وأداء. أصل مش أي حد يطبل الزار، ولا الموسيقى بتاعت الزار، إلا اللي حاببها وعايش فيها"

طبول وصاجات وكولة وطنبورة وطنجور وآلات موسيقية غريبة، فرقة كل فرد فيها بيقدم نوع مختلف من الفن في العرض، كل فنان عارف هو بيعمل إيه، بيقولنا "أحمد الشنكحاوي" فرد في الفرقة: "أنا بشتغل مديح وواخده وراثة عن أهلي، كل يوم اتنين، من 70 سنة ولحد النهاردة بنعمل حضرة بلدي بتتعمل في بيتنا في المطرية" وبيكمل: "الفن ده له أصوله وأنواعه، يعني في الزار البلدي، بتروحن فيه وبقول بشجن لدرجة تبكي الكل، الواحد مابيبقاش لِيه حدود، لكن الزار المصري بيبقى مسرح، نمرة بقدمها، ومحكومة بوقت.. بقول بإحساس، بس مش زي الزار البلدي أبدًا"

وزي الأفلام وأوقات من الواقع، الدكتور ابنه بيطلع دكتور، المهندس ابنه بيطلع مهندس، وابن الوز عوام، طب اللي بيشتغل زار، ابنه بيطلع فنان زار؟
بتجاوب الست "صباح": "أنا اتعلمت الزار من والدتي وستي وجدي وعيلة أمي كانوا بيشتغلوا المهنة دي، فأنا كنت آجي من المدرسة أقف أتفرج عليهم وهما بيطبلوا، كل يوم أربع كنا عاملين حضرة في بيتنا في روض الفرج، فـ اندمجت فيه، ودخلت جوَّاه".
وبتكمل: "احنا زعلانين إن ماحدش طالع يتعلم، مفيش إلا إحنا، لو موتنا، الزار هيموت! هتبقى خسارة كبيرة، ومفيش حد عنده طموح إنه يتعلم حتى ولادي! يعني كتير كنت باخد ابني الصغير معايا الشغل، ومرة لقيته راجع من المدرسة وبيغني أغانينا، فـ أخوه الكبير ضربه وسكته، وجه قاللي إيه ده يا ماما؟ لا والنبي ما تاخديه وفضل يحلفني. قلتله خلاص مش هاخده".

الست صباح بتحكيلنا إن ولادها مش حابين يدخلوا المجال ده، بس هي مابتقفش في طريقهم، ولا هم بيعارضوها، بتقولنا: "ولادي عارفين إني متربية على الفن ده، وشافوني وشافوا ستي واحنا بنطبل، دي مهنتنا وحبنا ومالهمش دعوة بشغلي".

وده كان نفس رأي الست مديحة: "ولدين وبنت و6 أحفاد، فتحوا عينيهم على الدنيا لقوني في الزار ومتربيين عليه، بس ماحدش يهويها ولا حد يغويها إلا اللي حاببها، مهنتنا قايمة على العافية والطبل، ومالهاش مستقبل، اللي بيكبر فيها بيتركن، لا معاش ولا نهاية خدمة"

"ست عندها حالة نفسية، أو ملبوسة بترقص ناس حواليها بالدفوف والطبول مع كلام مش مفهوم، والدق بيزيد لحد ما تقع، لو وقعت، يبقى الروح الشريرة أو الجن خرج منها، ولو ماوقعتش؟ هيفضلوا مستمرين في الزار لحد ما تقع" هي دي الصورة اللي اتشافت بيها حلقات الزار في التليفزيون والسينما بشكل سلبي، ولما حاجات تتشاف بصورة سلبية، بيظهرلك اللي بيصححلك المفهوم الغلط.

بتحكيلنا الست صباح: "فيه ناس كتير بيتريقوا بس أنا برُد عليهم وبقولهم إن الأفلام والحاجات دي كدب! مش هو ده الزار، احنا أهالينا ربونا على إن فيه "قرين" وكل واحد وله قرينه، وبنطرد القرين بالطبل والقول، فالناس بتقوم، كإنك بتسمعي مزيكا فـ تقومي ترقصي وبترتاحي، وده برضه كده. تندمجي مع الزار وتقومي تطلعي الطاقة اللي عندك وتبقي زي الفل"

وبيكمل عم أحمد: "لما بشتغل المديح، بتروحن، دي حاجة روحانية.. الإيقاع نفسه مش قولة عفاريت زي ما الناس بتتكلم، دي حاجة اسمها "حالات روحانية"، والروحاني بيتعالج بالمزيكا. والإيقاع بيخليكي "تتطوحي" وأنتي بتسمعيه، فـ تطلعي الكبت اللي عندك"

عم أحمد بيقولنا عن أغرب الحاجات اللي بيشوفها في شغله: "بتفاجئني حاجات كتير في شغلي، يعني بتجيلنا حالة تعبانة، اتسرعت في الحمام، نامت زعلانة، فـ حصلها لبس وبدل ما تروح لدكتور نفساني، بتجيلنا ونقعدها على الأرض ونجيب "ملوك الأرضية"، نعرض عليها الحالة دي، لو الحالة جسمها نمّل يبقى العلاج من الباب ده، ولو مافيش يبقى مافيش، أصل العملية مش أي حاجة وخلاص".

من جمال الفنون الشعبية التراثية، إنها بتتنقل شفاهة، بينقلها جيل لجيل عن طريق اللسان، مافيش كتابة ولا عقود، لما تحضر لفرقة "مزاهر" عرضين ورا بعض، هتلاقي الأغاني مختلفة، هما مابيقدموش جديد ولا بيخترعوا أغاني، بس بينوعوا فيها، بتوضلحنا الست مديحة: "الأغاني بتاعتنا، مفيش قولة نحفظ ولا مانحافظش، احنا بنشتغل من غير ورق، مش زي الموسيقيين، والحكاية دي احنا عارفينها أب عن جد، هي بتطلع بالقول واحنا بنطلع وراها، ماغيرناش حاجة، نفس الكلام ونفس الإيقاع ونفس الطبل".

زي المقامات اللي بيجيلها الناس من كل حتة، ومن الشرق للغرب، نوع الجمهور اللي بيحضر لفرقة "مزاهر"، مش ثابت ومش محدد، بيحضر لهم ناس من كل الجنسيات، مصرية وعربية وأوروبية. بتشرحلنا مديحة: "الجمهور اللي بيحضرلنا، بييجي من كل البلاد، ومن كل الفئات، عرب وأجانب، وكل الملل، وكل الأعمار، واللي بييجي مرة، بييجي مرتين، ودي أحلى حاجة في شغلنا، إن الناس بتحبنا وبييجوا عشان يسمعونا بس، مش جايين يرقصوا ديسكو، لأ بيقعدوا بس كده عشان يسمعونا ويتبسطوا". 

فرقة مزاهر بتقدم عروضها الفنية، كل يوم أربع من الساعة 8 لـ 10 بالليل، في "مكان"/ جنب ضريح سعد زغلول.

.Shoot by @MO4Network's #MO4Productions
.Photography by Ashraf Hamed
 

Home
خروجات النهاردة
Home
Home