"لا طلاق إلا لعلة الزنا" إزاي المسيحين بيتطلقوا في مصر؟
"وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما انا فاقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلّة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى" ده نص الاية اللي بتتكلم عن الطلاق في المسيحية وده جزء من موعظة المسيح على الجبل، وعشان نفهم الموضوع بشكل أكبر وأعمق لازم نعرف إن المسيح في الموعظة دي حط ما يسمى بـ"دستور المسيحية" واتكلم عن أساسيات زي الجواز والطلاق والصلاة، هل المسيح كان يقصد تحريم الطلاق تمامًا ولا بيحط قانون للتلاميذ وإيه علاقة ده بقوانين الطلاق في مصر؟
في مايو 1938 اعد المجلس الملي للأقباط لائحة خاصة بالأحوال الشخصية وبقت معروفة باسم "لائحة 38" اللي كانت بتقول إن فيه 9 أسباب مختلفة لطلاق المسيحين والأسباب دي هي: الزنا، تغيير الدين، الغيبة أو غياب أحد الزوجين مدة أكتر من 5 سنين، المرض المعدي أو الجنون، استحالة العشرة ودي بيجي تحتها الضرب والاهانات، إساءة السلوك والانغماس في الرذيلة، استحكام النفور وحسب النص ده معناه إن ميحصلش علاقة زوجية بينهم لـ3 سنين متتالية، رهبنة أحد الطرفين، وكان المختص بالطلاق هي المجالس الملية التابعة للكنيسة، واللي بيتم تطليقه بيقدر يتجوز بسهولة إلا لو حكم الطلاق نص على عدم السماح ليه بالزواج لو هو مذنب.
في سنة 1955 انتقلت قضايا الأحوال الشخصية للمسيحين للمحاكم المدنية اللي كانت بتحكم بنفس اللائحة، واللي بياخد حكم قضاء لازم الكنيسة تديله تصريح جواز، وكان الدولة والمسيحين والكنيسة متفقين، بس المشكلة بدأت تحصل في 1971 لما أصدر البابا شنودة قرار باباوي بحصر أسباب الطلاق في علة الزنا بس أو تغيير الديانة اللي بيتم تسميتها "زنا روحي"، وده خلى المحكمة تحكم بالطلاق بالشريعة الإسلامية حسب القانون المتبع بس الكنيسة متعترفش بيه وبقى فيه ناس متطلقين بس مالهمش تصاريح جواز.
"عماد" في 2010 حصل على حكم طلاق من المحكمة لكن مقدرش يحصل على تصريح جواز من الكنيسة وحسب ما بيحكيلنا: "المحكمة طلقتني بعد ما عملت تغيير ملة لكن الكنيسة مش معترفة بالطلاق ده ومدتنيش تصريح عشان مش معايا ما يثبت الزنا، وحياتي بقت زي ما بيقولوا زي البيت الوقف مش متجوز ومش مطلق".
جريدة الطريق المسيحية نشرت مشكلة لزوج مسيحي بيحكي عن زوجته اللي قررت الرهبنة وحياته بقت زي الأعزب ومفيش حل لأنه مش معاه ما يثبت الزنا، في برنامج لحل قضايا الطلاق على واحدة من القنوات المسيحية اتعرضت قصة لفتاة مسيحية من الصعيد يوم فرحها حصلت خناقة بين جوزها وأهلها وعلى خلفيتها جوزها اتسجن واتحكم عليه بـ10 سنين، لكنها فضلت على ذمته ومطلقتش وحياتها انتهت للابد بدون جواز وبدون طلاق.
دي الحيلة اللي بيلجأ ليها المسيحين عشان يقدروا يتطلقوا في المحكمة، ببساطة مفيش ما يمنع زواج المسيحي الأرثوذكسي من المسيحي البروتسانتي مثلًا، فبيتجوزوا، ووقت ما يحصل خلاف بيلجأ الزوجين للمحكمة ويقولوا إنهم مختلفين في الملة ويتم الحكم بطلاقهم، ولو هما متفقين في الطائفة المسيحية بيلجأ واحد فيه للحضور والمواظبة في كنيسة تانية وياخد منهم ورقة تثبت انتماؤه ليهم.
"عايدة" بتحكيلنا عن قصتها: "اتجوزت وأنا صغيرة عندي 20 سنة، وعندي 3 أولاد، ومع الوقت زادت مشاكلي مع جوزي اللي مبيصرفش على العيال، ولجأت للكنيسة قالولي ده صليبك لازم تتحمليه، يعني ايه افضل عايشة مع شخص بيأذيني ومش بيصرف عليا ولا على عياله، أكيد مش ده اللي عايزه ربنا".
"عايدة" قدرت بعد محاربة 5 سنين إنها تلجأ لرجل دين مسيحي يسلمها ورقة تغيير ملة بعد ما دفعتله فلوس، "فيه قساوسة من كل الطوايف بياخدوا فلوس ويخلصوا الحكاية وبتطلق في الكنيسة بس أنا مش معايا الفلوس اللي اقدر ادفعها عشان يدوني تصريح زواج تاني".
الانفصال ده بقى الحل اللي بيلجأ ليه عدد من المسيحين سواء لإيمانهم أو لعجزهم عن الطلاق، بيقولنا "بيتر": "أنا اتجوزت وانفصلت عن مراتي بعد 5 سنين عشان متفقناش، بس أنا مؤمن إنه لا طلاق إلا لعلة الزنا بس احنا مش قادرين نعيش مع بعض، فخلاص احنا غير متزوجين بس مش مطلقين".
قصة سامية مختلفة، "أنا اتجوزت وأنا في الجامعة كنت مبهورة بيه، وعشنا سوا سنة واحدة وسافر بره بعد ما ربنا ادانا طفلة واحدة، وفضل مسافر 10 سنين بشوفه في الاجازات لما رجع مصر بشكل نهائي ادركنا إننا مستحيل نعيش سوا" مشاكل كتير مع الأهل والكنيسة والأصدقاء انتهت بقرارها إنها تنفصل عنه حتى لو مش هتطلق، "أنا انفصلت وعشت لوحدي عشان زهقت من الحرب دي، مش طبيعي إني اتحاسب على قرار اخدته وأنا صغيرة وافضل عايشة على اساسه عمري كله".
أما "صفاء" جوزها نقلها لاوضة صغيرة تعيش فيها، وبيعمل كل حاجة عشان يوصلوا للطلاق لكن هي رافضة، "أنا لجأت لناس كتير يحلوا معاه الموضوع وأنا مش عايزة اعيش معاه بس الطلاق مش هيوصلني لحاجة ويخليني لوحدي، فخلينا كده".
في مارس 2017 اتكلم البابا تواضروس عن قانون الأحوال الشخصية الجديد في برنامج "هنا العاصمة" وقال إن القانون الجديد هيتيح الطلاق المدني لأسباب كتير منها الهجر والانفصال لمدة طويلة، بس تصريح الجواز هيكون بعد دراسة الحالة في الكنيسة وقال نصًا إن المخطئ لن يحصل على تصريح زواج وإنه هيكون للطرف اللي ماخطأش، البابا قال كمان إن القانون ده هيسمح بالطلاق مع تغيير الملة وإن ده بيحصل عشان لازم يكون فيه إتحاد فكري.
في وسط كل ده فيه مطالبات من مسيحين بقالها سنين بضرورة وجود قانون بيتيح الزواج والطلاق المدني ويكون الموضوع من الدولة بس متدخلش فيه الكنيسة.
قانون الأحوال الشخصية الجديد لم يتم مناقشته لحد دلوقتي في مجلس الشعب بعد اخر اجتماع بين الطوائف المسيحية واللي كان في مايو 2018.
الصورة الرئيسة من مظاهرة للمطالبة بالزواج المدني للمسيحين في 2010
