• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
أفضل 10 رابرز مصريين ظهروا في 2018
الموضوع اللي فات
زيادة جديدة في أسعار 9 أدوية منها الأنسولين

"رسائل من هَنا": قصص اللاجئين في الأردن بخط إيدهم على الملابس

من مخيم الزعتري بالأردن
قطعة من مشروع "رسائل من هنا"

خيام متجاورة، صحراء شاسعة على مرمى البصر، أطفال في أعمار مختلفة بيتسلوا بألعاب بدائية لكسر ساعات الملل الطويلة، مراهقين على عجل بيستخدموه لنقل مستلزمات الطبخ من خيمة لخيمة أبعد شوية، ومن كل فترة للتانية بيظهر شخص يبان من هيئته إنه مختلف عن عموم الموجودين، بيكون لابس سترة تميزه عليها شعار منظمة إغاثة أجنبية. أهلًا بيك في مخيم "الزعتري" بالأردن.

الأزمة السورية بدأت من 7 سنين ونتج عنها نزوح 13 مليون سوري -حوالي 60% من عدد مواطنيها- سواء داخليًا لمناطق فيها نزاعات أقل أو خارجيًا لدول عربية وأجنبية، من الدول الخارجية اللي نزحوا ليها، الأردن، اللي النهاردة فيها حوالي 1.2 مليون لاجئ، 650 ألف منهم متسجلين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. وفي مخيم "الزعتري" اللي بيضم 29 مدرسة و10 مستشفيات ومراكز طبية وأكتر من 400 محل تجاري، كان للاجئيين حظ مع تجربة جديدة يقدروا يعبروا من خلالها عن معاناة الغربة اللي بيعيشوها.

شرارة التجربة دي كانت لقاء المصممة الأردنية أسيل قواسمة مع اللاجئة السورية "هَنا" في واحد من محلات مدينة "إربد" الأردنية من أكتر من سنة، "هنا" لاجئة سورية أربعينية انتقلت من مدينة درعا السورية للأردن، تحديدًا لمخيم الزعتري، في 2012 بعد ما تم اعتقال جوزها اللي لحد النهاردة ماخرجش ولا اتعرف مصيره.

رسائل من هنا

"أسيل" حبت توثق قصص اللاجئين احترامًا لتجربتهم الإنسانية الثرية جدًا حسب وصفها، خصوصًا إنها شايفة إن كلنا "لاجئين مؤقتين" على كوكب الأرض. بتقول "أسيل" إنها مصممة أزياء، ومتهمة بقضية اللاجئين على اختلاف جنسياتهم، خصوصًا الموجودين منهم في الأردن، عشان كده قررت تعمل خط أزياء جديد مستوحى من تجربتهم.

في مشروع "رسائل من هنا" بتجمَّع "أسيل" قصص اللاجئين السوريين في مخيم "الزعتر" اللي كاتبينها بخط إيدهم، وبتطبعها على الملابس اللي بتصممها. في القطعة الأولى، جاكيت أبيض، والأكثر مبيعًا لحد دلوقتي، أخدت المصممة الشابة رسالة "هَنا" أم الأربع أطفال، واستخدمتها زي ما هي بدون أي تعديل في محتواها، كبطانة داخلية للجاكيت.

في الرسالة كتبت "هًنا" بإيدها تفاصيل رحلتها غير المضمونة من "درعا" -معقل المظاهرات اللي خرجت ضد نظام الأسد- للأدرن، وحكِت عن حياتها في سوريا مع تفجر الحرب في 2011، وعن مشاعر الغربة اللي هي فيها واشتياقها لأختها المقيمة في سوريا لحد النهاردة في مدينة واقعة تحت حكم الأسد. الجاكيت من بره مطبوع عليه صورة للمخيم اللي بيشكل حاليًا "بيت" لـ "هَنا" وأطفالها الأربعة وحيدين بدون الأب الغايب في السجون.

"أسيل" صممت الجاكيت بشكل خارجي عليه صورة المخيم وبطانة داخلية فيها الرسالة المكتوبة بخط إيد اللاجئة، وكان في عقلها رسالة عايزة توصلها عن النساء العربيات بشكل عام والسوريات بشكل خاص، بتقول إن النساء عندهم قوة استثنائية بتخليهم يظهروا للعالم صورة صلبة، زي الوجه الخارجي للجاكيت، في الوقت اللي بيكونوا بيحملوا فيه في داخلهن تجارب مريرة كتير، وده اللي بتعكسه بطانة الجاكيت المخفية.

اللاجئين مش أرقام

الجاكيت الأبييض قطعة من خط إنتاج بتبدأه "أسيل"، وبتستخدم فيه القماش السوري التقليدي. تاني قطعة في مجموعتها هي تيشرت أبيض على الوجه الأمامي، عليه رقم تسلسل اللاجئ في وثائق الأمم المتحدة.

"الغريب هو الشخص الذي يجدد تصريح إقامته، والذي يملأ النماذج ويشتري الطوابع، والذي عليه أن يقدم البراهين والإثباتات، وهو الذي يسألونه دائمًا من وين الأخ؟!" الفقرة السابقة هي نص من رواية "رأيت رام الله" للفلسطيني مريد البرغوثي.

الرقم والباركود هما تذكرة للنظرة العالمية للاجئين، وازاي العالم بيختذل أشخاصهم ومعاناتهم في فقدان وطن آمن في "رقم". من الناحية التانية، الرقم بيستخدم من قبل المنظمات العالمية في أغراض تفيد اللاجئين، زي استخراج شهادات وتحديد الأعداد وربط الأشخاص ببعضهم، وفي الحالتين رقم التسلسل هو رفيق شخصي لكل لاجئ خارج وطنه، بيفكَّره هو واللي حواليه طول الوقت إنه "لاجئ". اختيار اللون الأبيض كان مقصود عشان يقدر يلبسه الذكر والأنثى، لإنه في رأي "أسيل"، اللاجئ لا يهتم أحد بجنسه.

في ضهر التيشرت مكتوب الجملة اللي بتستخدمها الأمم المتحدة في وثيقة اللاجئ، وتعتبر شهادة منهم بإنه لاجئ وتلزم بمعاملته على أساس ده، الجملة بتقول: هذا للإقرار بأن الشخص المذكور أعلاه هو طالب لجوء يطالب باعتباره لاجئاً ويجب أن يتمتع بالحماية الخاصة من الإعادة القسرية إلى بلد يزعم أنه بيواجه فيه تهديدات على حياته أو حريته.

مشاكل اللاجئين مالية بس؟

بتقول "أسيل" إنها تعمدت عدم تخصيص تبرعات للاجئين أو هامش ربح ليهم، عشان ده نوعًا ما فيه متاجرة بمعاناتهم ووجه من أوجه الشفقة اللي بيقابلوها، على النقيض بقى، هي صممت تتعامل معاهم ومع قضيتهم بندّية ومساواة، على اعتبارهم "ناجيين".

مافيش إحساس لحسن الحظ ولسوءه مابيعدِّيش

القضية السورية عدّى عليها 7 سنين، أرقام النازحين والقتلى والمصابين بقت لا تثير حفيظة أي مستمع للأخبار، وأحاسيس السخط والغضب اللي كانت بتنتاب اللي بيشوف الصورة من بره اتبدلت بمشاعر ملل وزهق من القضية كلها، بس لأن الحكايات التي تنتهي، لا تنتهي طالما قابلة لأن تروى، ولأن القضية السورية مانتهتش لسَّه وفيه طول الوقت زوايا جديدة نعرف بيها أكتر عن مأساة السوريين، مشروع "رسائل من هنا" هيستمر بشغف "أسيل" ورغبتها الصادقة في توصيل رسائل أصحابها بره دائرة الضوء.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home