من أيام اجتمع الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بمجلس الوزراء، وده كان الاجتماع الأول من نوعه من وقت توليه رئاسة الجمهورية في يناير 2015، نتج عن الاجتماع ده الموافقة على مشروع قانون المساواة في الميراث بين النساء والرجال، وأحال الرئيس القانون للبرلمان لمناقشته والموافقة عليه. القانون بيقترح المساواة كمبدأ مقبول ويتم العمل بيه، لكن لسه من حق صاحب المال إنه يقرر توزيعه بالشكل اللي هو شايفه، سواء هيوزعه بمبدأ للذكر مثل الأنثى، أو بمبدأ للذكر مثل حظ الأنثيين. لكن بشكل عام القانون خلق حالة من الجدل، ناس احتفت بيه، مع موجود أغلبية ظاهرة اعتبرته منافي للشريعة وتغيير واضح في نصوص قرآنية، تحديدًا آية المواريث في سورة "النساء":

"يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا".

بتستند معظم الآراء الفقهية في تفسير الآية الكريمة، لكون الحكمة من التقسيم ده هو إن المرأة مش هتعول نفسها وإن نصيبها اللي هتاخده يكفيها وهي كده كده جوزها ملزم إنه يصرف عليها، بل بعض التفسيرات زي تفسير الشيخ الشعراوي، قال إن التقسيم ده بيحابي المرأة على حساب الرجل، عشان الراجل هياخد نصيبه ويصرف بيه على الست برضه، بس الست كده كده نصيبها بتاعها.

"أنا بقالي سنتين ونص بصرف على نفسي، وفي بلدنا العروسة بتجهز زيها زي الراجل وعليها مسؤوليات زيها زي الراجل وكمان بتشتغل، عشان كده من حقي آخد في الميراث زيي زيه، أيام الرسول كان الراجل متكفل بكل حاجة فطبيعي ياخد الضعف، أنا عن نفسي أخويا لا هيجهزني ولا بيصرف عليا مليم، ياخد ميراث أكتر مني ليه؟ ده حقه الشرعي؟ طب فين حقي أنا عليه إنه يتكفل بيا كأخته؟" م.ع بتجاوب على سؤال ازاي بتشوف حقها في الميراث.

حسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لسنة 2015، 30% من الأسر المصرية بتعولها وبتصرف عليها سيدات، ومساهمة المرأة في سوق العمل بتوصل ل22.9%، وفي تقرير تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، بيتضح إن 43% من الأسر على مستوى العالم بتعولها ستات، بس في الدول النامية والفقيرة زي مصر، النسبة بتتراوح ما بين 22 و 33 % وفي الدول العربية إجمالا 12.5%.

"طبعًا مش موافق أختي تاخد قدي، ربنا ماقالش كده، لو أختي محتاجة حاجة هديها طبعًا، بس كمان مجتمعنا بيفرض عليا أفتح بيت وأجهزه وأصرف على مراتي، أختي جوزها هيكون موفرلها كل ده". م.أ بيشرح أسباب رفضه للمساواة في الميراث. لما سألته عن كون الستات النهاردة بيجهزوا زيهم زي الرجالة وبيشتغلوا وبيصرفوا على البيت زيهم زي الرجالة، بالتالي ممكن حد يشوف إن معادش في أفضلية تسمح للرجالة ياخدوا ميراث أكبر، جاوب وقال: "الست لو بتشتغل وليها مرتب هتغني عن الراجل اللبس بتاعها، مكياج مثلا، مصاريفها وحاجات حريمي تخصها، لكن أنا مرتبي هيكون رايح لحاجات أساسية، أكل وشرب وفواتير.. إلخ".

ببحث بسيط عن "حقوق الزوجة على زوجها في الإسلام"، هتجد الزوجة ليها حقوق زي المهر وده مفروض تاخده تحطه في جيبها أو تشيله لنفسها وماتستخدموش في أي حاجة ليها علاقة بتجهيز منزل الزوجية. كمان حق المأكل والملبس والمسكن المناسب. أما عن حق الزوجة في طلب خادمة، بعض الفتاوى قالت إن الزوجة تخدم نفسها ولا تخدم زوجها، وإذا كان عندها خادمة في بيت أبوها فالزوج بيوفرلها ده في بيته، أما موقع "إسلام ويب" فبيرد على نفس السؤال بإن الزوجة لازم تخدم زوجها لإن ده من حسن المعشر.

الأزهر الشريف كان له موقف حاسم من القانون التونسي منذ بدايته، وهو الرفض التام، ولما خرج صوت مخالف متمثل في الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، واللي قال إن المساواة في الميراث مافيهاش مخالفة لكلام ربنا ومش غلط، أعلنت فورًا جامعة الأزهر تبرأها من سعد الدين الهلالي اللي بيمثل نفسه ولا يمثل جامعة الأزهر وتصريحاته تخالف منهج الأزهر ونص القرآن، على حد تعبير الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر لموقع "الوطن". وأكد مفتي الجمهورية السابق علي جمعة، تصريحات جامعة الأزهر، وقال بعد الشر على مصر من أن تسير على خطى تونس.

"لما جدي توفى وكنا بنقسم الورث، كانت أختي متجوزة وجوزها بيصرف عليها وأنا كنت لسه ببدأ ومطلوب مني أجيب شقة وشبكة وعروسة و و و، ازاي تاخدي زيي؟ ده مش عدل، ربنا كان عادل في الحتة دي عشان احنا ومسؤولياتنا أكتر بكتير". م.ف في إجابته عن أسباب رفضه لأي مساواة بين الجنسين في الميراث.

"طب أنا هحكيلك حكاية عيلة أعرفها كويس، عيلة مسيحية بس توزيع الميراث بالطريقة دي بقى عرف عند المسلمين والمسيحيين. العيلة فيها 3 ولاد وبنت واحدة، بعد وفاة أبوهم أمهم قسمت الورث قبل وفاتها، كل واحد من الولاد أخد شقتين، شقة عايش فيها وشقة يعمل فيها اللي هو عايزه، البنت أخدت شقة واحدة اللي هى كانت ساكنة فيها. حجة أمها كانت إن البنت متجوزة وفيه اللي بيصرف عليها، بس جوز البنت مات قبل وفاة أمها ومابقاش ليها دخل هي وولادها ونزلت تدور على شغل كمان وماحدش من أخواتها ساعدها، حتى بعد ما أمها ماتت ماكانتش تقدر تتصرف في الشقة، عشان أخواتها قالولها دي شقة  أمنا وأبونا وماينفعش تتباع ولا حد يتصرف فيها وكده" ن.م بتحكي وبتحاول تغير نظرة الناس لمسألة المواريث.

الدكتورة سلوى محمد علي، مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة قنا، أجرت دراسة بتتكلم عن حال الستات في محافظات الصعيد، تحديدًا محافظات قنا وسوهاج، وإن 95.5% من الستات في المحافظتين مابيورثوش أصلًا بسبب العادات والثقافات السائدة، والاعتقاد بإن ورث البنات معناها إن فلوس العيلة هتتنقل لشخص غريب –زوج الست- الدراسة ذكرت حالة كمثال، لسيدة صعيدية أخوها راجل دين، بس رفض إنه يسلمها نصيبها من الميراث بسبب لنفس السبب! وأكدت "سلوى" في دراستها إن نسبة المرأة المعيلة في سوهاج وقنا بتوصل ل24% ودي نسبة عالية جدًا. الكلام عن المساواة بين الراجل والست في الميراث شكله لسه بعيد!

دكتور عبد الحي عزب، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، علق للـ "الفصلة" على الجدل الدائر: "دي أمور ربنا حسمها من زمان وكلها خربطة بشرية، احنا مصر مستقرة ومالناش دعوة، هل في قانون متقدم عندنا في البرلمان بيقول حاجة زي كده؟ يبقى مالناش دعوة بغيرنا". بعيدًا عن القوانين وتوجهات الدولة ورفضها أو تأييدها، هل ممكن الراجل يقرر يعمل ده من نفسه عن طيب خاطر لمجرد شعوره بمسؤولية تجاه أخواته البنات مثلا؟ أو عشان يأمنهم من أي حاجة ممكن تحصل؟ "أمي قررت توزع الميراث على الولاد والبنات بالتساوي، أنا وأخويا الولد ماعندناش أي مانع وهي من ناحيتها شايفة إن البنات ممكن يتبهدلوا من بعدها وليه ياخدوا أقل مننا ولازم يبقى زيهم زينا" ي.ز بيحكيلنا عن الطريقة اللي قررت أسرته توزع بيها الميراث.

صور الموضوع من مظاهرات تونس المؤيدة والمعارضة للقانون