لو عملت سيرش على جوجل بكلمة "التحرش في الحرم المكي"، مش هايطلع لك أي نتايج تقريبًا، عشان كده لازم تكون عارف ناس بعينهم مرَّوا بالموقف ده، عشان يحكوا لك وتوثَّق كلامهم. على العكس، لو دوَّرت بـ "التحرش في الكنايس" هتلاقي نتايج أكتر، جزء من ده سببه الإشاعات اللي بيرددها مسلمين متشددين حوالين الكنايس، زي إنهم في الكنيسة بيبوسوا القسيس الساعة 12 ليلة رأس السنة، أو إن القسيس بيدخل على البنات قبل أجوازهم (أيوة فيه ناس للأسف مصدقين وبيرددوا الأساطير دي). وجزء راجع لحوادث عالمية اتحرش فيها قساوسة بأطفال داخل كنايس.

لو هنتكلم بشكل موضوعي أكتر، أو هكذا نحسب، فـهنقول إن الكنيسة زي الحرم والمسجد النبوي، أماكن للأسف حوِّلها البعض، مش كل رجال الدين، سواء شيوخ أو قساوسة أو حتى زوَّار عاديين، من بيوت الله لأماكن بيحاولوا يوصلوا فيها لجسم أي واحدة.

"علياء" كان عندها حوالي 10 سنين، لكن حسب كلامها، كان جسمها يدّي سن أكبر، "كان في كولدير مياه محتاجة أوطّي شوية عشان أطوله، وطّيت وبعدها حسيت بإيده..." بتوصف "علياء" بعدها شعورها بالخدر في كل جسمها "حسيت إني مش عارفة أتحرَّك، ازاي حد يعمل كده في بيت ربنا؟!" على الرغم من إنها كانت صغيرة في السن وقتها، إلا إنها كانت على قدر من التدين وعندها علاقة خاصة مع ربنا نتيجة لتربيتها في بيت محافظ.

والدة "علياء" قرِت اللي على وشها بسرعة، خاصة وهي شايفة راجل عجوز بيبعد عن بنتها بشكل غريب، وبطريقة تفهمها الستات بس، عرفت كل حاجة من غير ما تحتاج تسأل بنتها، لكنها لسبب غير مفهوم شدتها من إيدها ومشيت بيها بعيد، رغم إنها كانت شايفة العجوز المتحرش وقادرة توصله وتاخد ضده موقف. اللي حصل مع "علياء" علِّمها إن الحرم المكي اللي هو بيت ربنا، مش مكان آمن كفاية، وإنها لازم تاخد بالها و"تحرَّص" حتى وهي هناك.

نفس النتيجة وصلت لها "أميرة"، لكن الفرق إنها اتعرضت لموقف التحرش في الحرم وهي أكبر سنًا، تقريبًا في أواخر العشرينات. مش قادرة أحدد كونها كبيرة دي سهِّل الموقف ولا صعَّبه، بس هي بتوصفه بإنه تجربة هزت إيمانها نفسه، "المُطوِّع -موظف في هيئة الأمر بالمعروف- ماكنش بيتحرش بجسمي، كان بيتحرش بمعتقداتي الدينية نفسها".

بترجع بالذاكرة، ليوم كانت فيه أكثر إيمانًا، وبتقول: "كان مُطوِّع، شكلهم معروف، جيه ناحيتي بيزعق وبيقوللي إن عبايتي ضيقة. نظرته ليّا ماتحسهاش غير ست، نظرة بتفصص، لمَّا قرَّب بدأ يزقني بالعصاية في مكان معين، وقتها عرفت إن إحساسي صح". بتحكي "أميرة" إن الموقف مايفرقش كتير عن حوادث التحرش اللي بتمر بيها في جدة، مكان معيشتها، لكن المرَّة دي كان في بيت ربنا، ليه ربنا ماحمنيش؟ وكانت من رجل دين، لو اللي عارف في الدين بيفكَّر ويتصرف كده، ليه هو في منصبه ده؟ كل دي أسئلة شككت "أميرة" في أمور كتيرة، لسَّه لحد دلوقتي بتدوَّر لها على إجابة.

"داليا" كان حظها أحسن من البنات اللي فاتوا، عشان قبل ما تروح أول عُمرة ليها كانت سمعت عن احتمالية التحرش بيها في الحرم، فـ كانت "واخدة احتياطاتها" أكتر. كانت بتصمم تصلي في الأماكن المخصصة للستات بس، وماكانتش بتزاحم عند الحجر الأسود عشان ماتعرضش نفسها لحاجة. "بس أنا كنت بطوف عادي، ماقدرتش ماعملهاش دي! وآخر مكان كنت أتوقع إن حد يتحرش بيا فيه هو قدام الكعبة وأثناء الطواف".

بشكل عام، قصص التحرش من رجال دين بتتكرر في مصر كتير، سواء من شيوخ تحفيظ قرآن أو شيوخ جايين يطلعوا جن من على واحدة.

لمَّا حاولت اتكلم مع صديقة إنجيلية عن التحرش في الكنايس، قالتلي "بيحصل اه، بس ماشوفتهوش في كنيستي، يمكن عشان عندنا الناس عارفة بعض وقريبين". على العكس، "سارة" بتوصف نفسها إنها مش مؤمنة أوي، مابتروحش الكنيسة باستمرار ولا بتصوم كتير، خاصةً لمَّا ولدت بقت زياراتها للكنيسة أقل. "على عكس المتدينين، أنا بقيت أخاف أسيب ابني في الكنيسة. أنا بسمع عن قصص تحرش بأطفال من رجال دين جوه الكنيسة، بس زي حاجات كتير عندنا، بتبدأ وتخلص جوه الكنيسة من غير ما تتعرف وتوصل للنور".

كلام "سارة" مش من فراغ، من 4 سنين فجَّر بابا الفاتيكان الأول "فرانسيس الأول" مفاجأة، لمَّا قال إن 2% من رجال الدين المسيحي عندهم ميول جنسية ناحية الأطفال. وبالفعل اعتذر عن ده. وعمومًا مسألة التحرش بالأطفال في الكنيسة ليها واقعة شهيرة هتعرف عنها أكتر لو شفت فيلم Spotlight. وفي سنة 2010 حوِّل البابا شنودة كاهن للتحقيق عشان غسل رجلين سيدات في خميس العهد.

التحرش بشكل عام مابقاش تابووه في الوطن العربي، وكل يوم بتتفتح مساحات أكبر للكلام عنه وعن ضحاياه، لكن لو تحرش جوه كنيسة أو جامع، ياترى قدامنا كام سنة عشان نتكلم فيه بأريحية ونحاسب رجال الدين المتحرشين؟

ملحوظة: تم تغيير كل أسماء البنات اللي اتكلمنا معاهم.