• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
فريق "كايرو ستيبس" المصري كسب جائزة Jazz Music Award
الموضوع اللي فات
فريق أطفال سعوديين فاز بالمركز الثالث عالميًا في برمجة الروبوتات

الفنانين بيشتغلوا ازاي من غير حرية تعبير؟ حوار مع "دعاء العدل" رسامة الكاريكاتير

كانت المصرية الوحيدة وسط قائمة الـ BBC لأكتر 100 ست مؤثرة

من شهرين كنت في مكتبة "أ" ووقعت إيدي على المجموعة الكاملة لرسومات "صلاح جاهين"، لسَّه هاقول هيييه، صدمني سعرها فـ رجعتها مكانها على الرف من سُكات. خرجت من المكتبة وأنا باسأل نفسي: اللي عايز يتفرج على كاريكاتير نضيف يروح فين؟ مش عارفة وقتها ليه كنت ناسية إن تقريبًا كل الصحف والمجلات، بمختلف أنواعهم، بيفردوا مساحة لرسومات الكاريكاتير. هل ده راجع لعدم انتشار ثقافة الكاريكاتير بيننا بشكل كافي ولا لقلة تأثيره من الأساس ولا عشان مافيش حرية كافية تخلّي الرسامين يعملوا شغل حقيقي ومؤثر يوصلنا؟

وسط الأسئلة اللي شغلتني وأنا مروَّحة من المكتبة، قررت أتكلِّم مع "دعاء العدل"، رسامة كاريكاتير مصرية صاحبة الاسم المعروف اللي لو ماسمعتهوش في خبر التحقيق معاها أيام حكم الرئيس السابق "محمد مرسي" بتهمة ازدراء الأديان، غالبًا هتبقى سمعته لمَّا اختارتها الـ BBC سنة 2016 ضمن قايمة أكتر نساء مؤثرة في العالم، وكانت المصرية الوحيدة في القائمة.

في أوضة مش كبيرة في جريدة "المصري اليوم" فيها خمس مكاتب لخمس رسامين كاريكاتير، مليانة أعداد جرايد قديمة، حيطانها متغطية برسومات أغلبها سياسية، بتقعد "دعاء"، وهي الرسامة الوحيدة وسط 4 رسامين ذكور، عشان تبدأ رحلتها اليومية. بتشرح لنا أكتر روتينها اليومي "الممتع" حسب وصفها وبتقول: "أنا بحب أرسم في هدوء، شوية ورق أبيض قدامي ومعلومات دقيقة عن الموضوع اللي هاتكلم عنه، بس للأسف في مصر فكرة المعلومات الدقيقة دي صعب نوصل لها". طيب ليه الوصول للمعلومات صعب؟ بتقول إن الموضوعات الاجتماعية السياسية اللي بترسم عنها غالبًا بيبقى فيها تعتيم وصعب توصل لرقم صح، ده غير الشائعات.

"دعاء" مش فيمينست، بس من أولوياتها قضايا المرأة، بترجّع ده لكونها امرأة: "طبيعي أحس بمشاكل الستات وأتكلِّم عنها، أنا في الآخر ست زيهم"، بس في الأساس هي رسامة "كاريكاتير سياسي". لو دخلت على صفحتها على الفيسبوك هتلاقي أغلب الرسومات اللي بتنشرها ليها علاقة بزيادة الأسعار، الانتخابات، وذكرى ثورة يناير.

"دعاء" في الأساس خريجة كلية الفنون الجميلة قسم ديكور، لكنها بدأت في فن الكاريكاتير مع الرسام "عمرو سليم" في "الدستور" بعد تخرجها مباشرة، بتقول إن ده كان حلم ليها، "أنا باتفرج على كاريكاتير من وأنا صغيرة، بس قبل الدستور كان هدفي إني أنشر كاريكاتير بقى وكنت مستنية جدًا أنشر على صفحات الجرايد". دلوقتي هي بقالها فوق الـ 10 سنين في المجال، واشتغلت فيه تحت حكم خمس رؤوساء مختلفين في جرايد ومجلات مختلفة زي "روزاليوسف" و "صباح الخير" و "الدستور" و "المصري اليوم". طبيعة "دعاء" الثورية كانت السبب في التحقيق معاها في 2012، بعد ما نشرت رسمة في "المصري اليوم" بتعلَّق فيها على "غزوة الصناديق"، بتوصف "دعاء" الفترة دي وبتقول: "المناخ العام ماكانش فيه حرية، عمومًا مافيش يوم من ساعة ما اشتغلت من أكتر من 10 سنين حسيت فيه بسقف تعبير عن الرأي عالي شوية".

 على الرغم من وصفها لسقف الحرية الحالي بـ "المنخفض"، إلا إن رسوماتها بتتنشر في الجريدة والموقع وعلى صفحتها على الفيسبوك. لمَّا سألتها إزاي قادرة توصل صوتها المعارض وسط المناخ الحالي، قالت: "إحنا كرسامين وفنانين بشكل عام بنختبر درجات مختلفة من التحايل على المناخ العام. يعني احنا بنجرَّب ازاي نقول رأينا بشكل يخلّي صوتنا يوصل، في نفس الوقت نكون بنحترم نفسنا"، بتوصف العملية دي بالمعادلة الصعبة اللي بتتطلب مجهود مضاعف من الفنان، وبتكمِّل "كأننا ماشيين على خيط رفيع، في أي وقت ممكن يتقطع".

 

عشان تمشي على الخيط الرفيع بحرفية أكتر، "دعاء" بتنوَّع شغلها بين السياسة وقضايا المرأة، "أنا شايفة إني كرسامة إمرأة عليّا واجب من خلال الكاركاتير، خاصةً إن الرسومات اللي ركزت على المرأة في التاريخ العربي مش كتير أوي". اهتمام "دعاء" بقضايا المرأة ظهرت في كتابها "50 رسمة وأكثر عن المرأة" اللي صدر السنة دي، وبيناقش قضايا المرأة ويحللها بالكاريكاتير. الكتاب مقسَّم لثلاث أقسام، ومُعلَّق على الرسومات‎ بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والفرنسية.

هو أقرب لألبوم صور لخمسين ست في مصر خصوصًا والعالم بشكل عام. بتفهمنا أكتر دعاء عن محتوى الكتاب أو ألبوم الصور وبتقول: "الكتاب بيناقش قضايا مختلفة زي التمييز والتحرش لحد العنف والجريمة ضد المرأة، كمان القوانين غير المنصفة ليها". في قضايا محددة تخص المرأة "دعاء"، شايفة إن مافيش اهتمام كافي بيها، زي جرايم التشويه بمياه النار والمشاكل اللي بتواجه العاملات في البيوت.

لكل فنان قطعة فنيّة أقرب لقلبه، في حالة "دعاء" أكيد ليها رسمة مُفضَّلة، لمَّا سألتها عليها قالت: "أقربهم لقلبي هي رسمة عن بنت اتعرضت لتحرش جماعي في ميدان التحرير وطلعت على التلفزيون تحكي إيه اللي حصل وماكناش كمجتمع متقبلين لسه شجاعتها دي كفاية". بتقول "دعاء" إنها وقتها حسِّت البنت تم إنتهاك جسدها لكن روحها لسّه حرة وسليمة. بتوصف ده بالشيء المدهش. استمجعت "دعاء" شجاعتها وقدرت ترسم على الرغم من حالة الغضب اللي كانت فيها، بتفتكر وتقول: "رسمتها بنت واقفة وفي أمواج من الايدين بتحاول توصلها، ومكتوب على شراع المركب: أبدًا لن تهزم روحي" وبعدها اتعرَّفت بشكل شخصي على البنت وبقوا أصدقاء، بتوصف "دعاء" الرسمة المخيفة في نظرها: "هي واحدة من أهم الأسباب اللي خلتني أهتم بقضايا المرأة".

على عكس الكاريكاتير، "الكوميكس" الأكثر انتشارًا حاليًا مش بتتناول المواضيع السياسية بس، افتح الفيسبوك وهتلاقي 100 كوميك بيمثلوا يومك، من أول ما تقوم من على السرير لحد ما ترجع، ممكن ده يبقى السبب في انتشارها أكتر من الكاريكاتير؟ بتقول "دعاء" إن الكاريكاتير إلى حد ما مقتصر على السياسة لإنها بتأثر في الناس بشكل مباشر، "مثلًا أي قرار اقتصادي هيأثر في الناس، وبما إن الكاريكاتير بيعبر عن المجتمع، لازم يبقى أولويتنا مشاكل الناس وهمومهم مش بس إضحاكهم". في نظر "دعاء" ممكن نسمّي النوع ده من الكاريكاتير سياسي اجتماعي، مش سياسي منفصل عن واقع الناس.

 

في وسط مناخ محتقن ومجال صحفي مخنوق، سألت "دعاء": إيه الصعب في مهنتها دلوقتي وبصفة عامة؟ بصفة عامة مشكلتها الأساسية، بعد التعتيم على المعلومات، هي التكرار، "بحس إني في فيلم بيعيد نفسه، والفنان ماينفعش يكرر نفسه. مثلُا حوادث القطارات، مشكلة فلسطين، مشكلة سوريا، كلها قضايا قُتلت بحثًا وقدمنا فيها كتير ومابتنتهيش، وبعدين؟" ده غير إحساس الإحباط اللي بتسيطر عليها، وعلى أي مبدع، لمَّا يحس إن اللي بيقدمه وبينقده بهدف الإصلاح مابيتغيرش، "فيه مصايب لما بتتكرر بنعتادها وبيبقى صعب نضيف عليها شيء، بتبقي مستنية حاجة تتغيير وبعدين تلاقي إن مافيش، ده بيحبط الرسام عشان هو عايز يكون له تأثير ويكتب في المستقبل عن شيء مختلف". وكان طبيعي اسألها عن مشكلة الكاريكاتير في مصر، ليه مش واصل للناس بالشكل الكافي؟ جاوبت وقالت: "مشكلة الكاريكاتير دلوقتي وطول الوقت هي حرية التعبير، أحيانًا السقف بيرتفع شوية صغيرين، بعدين ينخفض، بعدين ينخفض جدًا. وعلى مدار 10 سنين، أقدر أقول إني مافيش مرة قابلت حرية مطلقة، تقريبًا مافيش حاجة اسمها حرية مطلقة أصلًا". الفنان بطبعه بيكون محتاج حرية، بتكمِّل وتقول "الرسام دايمًا عايز مايبقاش عليه قيود، عايز يبقى حر عشان يعرف يبدع".

في نهاية كلامنا، لمَّا سألتها عن المستقبل بشكل عام ومستقبلها هي شخصيًا مع الكاريكاتير، قالت إن الوضع الحالي غير مبشر كفاية، "دلوقتي أنا عايشة غياب الشغف، في ظل غياب المعلومات ووجود سقف حرية منخفض. مش عارفة أعمل الحاجة اللي بحبها، خلوني أعمل شغلي اللي بحبه أوي بصعوبة وبشكل أنا مش راضية عنه"، بس هي مكمِّلة في "اللي بتعرف تعمله وبتحبه" أيًا كانت الظروف إيه المحيطة والصعوبات اللي بتقابلها.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home