• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
"برقص في لندن لدعم المثليين في كل العالم": حوار مع الراقصة المصرية شروق العطار
الموضوع اللي فات
ناشط سويدي هيسافر للقدس مشي لدعم القضية الفلسطينية

أنت أقوى من المخدرات بس مش من المجتمع: حكايات نبذ المتعافيين من الإدمان

اللهم امنحني الشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها

في السنة اللي فاتت ظهر "محمد صلاح" في لقطات ومواقف كتير، لعب مع نادي ليفربول، لعب مع المنتخب، تبرعات لأهل قريته، صورة مع الرئيس المصري، إلخ. من أكتر اللقطات اللي عجبت المصريين وزادت في حبهم لـ "صلاح" لقطاته في إعلان "أنت أقوى من المخدرات" اللي حقق أكتر من 5 مليون مشاهدة على موقع اليوتيوب في أول 72 ساعة بس من عرضه و8 مليون مشاهدة على السوشيال ميديا وزود المكالمات على الخط الساخن لعلاج الإدمان، 16023، بنسبة 400%. بالمناسبة، "صلاح" كان مشارك في الإعلان ده بشكل تطوعي.

الجدل الإيجابي اللي أُثير وقت نزول الإعلان ده حوالين المخدرات مش هو الأول من نوعه. لو رجعنا بالوقت 3 سنين لورا، تحديدًا في رمضان 2015 وقت عرض مسلسل "تحت السيطرة" هنفتكر إن وقتها برضه كان فيه جدال حوالين المخدرات، مين اللي بيضرب؟ هي فعلًا ظاهرة منتشرة بينا كده؟ طيب مصحات الإدمان بيعاملوا فيها المدمنين بالبشاعة دي؟ والسؤال الأهم وقتها واللي وقَّف مستخدمي السوشيال ميديا على رجل؛ هو حاتم كان صح لمَّا ساب فريدة عشان كانت مدمنة؟

الفرق بين الإعلان في 2018 والمسلسل في 2015 إن الإعلان أظهر المجتمع وهو فاتح دراعاته عشان يُلقف أي متعافي جاي عليه، عكس اللي حصل في المسلسل، اللي كان كل أبطاله بلا استثناء بيعانوا من الوصمة بسبب تجربة إدمانهم السابقة وحياتهم في نواحي كتير واقفة. بين الإعلان والمسلسل، المتعافين بيقابلوا ايه بقى على أرض الواقع لمَّا اللي حواليهم يعرفوا إنهم كانوا مدمنين؟

**

نفسي أروح مكان ماحدش يعرفني فيه

"أسهل حاجة لأي حد عايز يبطل ضرب إنه يروح مكان ماحدش يعرفه فيه، وقتها هيقدر يتغير فعلًا من غير ما يلاقي حد بيلومه على القديم أو بيجبره يرجعله" بالجملة دي بدأ "م.م" مدمن البودرة المتعافي كلامه معانا. "م.م" كان عنده 16 سنة لمَّا بدأ "ضرب" في منطقة شعبية في إسكندرية، والنقلة من السجاير العادية للملفوفة للمحشية للبودرة ماخدتش وقت كبير. بيشرح لنا أكتر، "بدأت بالسجاير العادية وأنا في تانية إعدادي، وفي أخر سنة دبلوم كنت باجيب البودرة ليّا ولصحابي، المنطقة كلها كانت عارفة إن اللي يتزنق في حاجة يقدر ييجي لي". بيرجع يقول إن الموضوع بالنسباله ماكنش تجارة ولا لغرض الفلوس، اومال لإيه؟ "طبعًا الفلوس كانت بتسند خصوصًا لو أهلي قلبوا عليّا في عركة، لكن اللي كان شاغلني وقتها إن الناس تهابني في المكان وغيابي يكون فارقلهم وبيأثر عليهم. وبما إن الحتة كلها بتضرب فـ كان أسهل طريق -وقتها- إني أجيب لهم الحاجة".

شهرته اللي كانت وقتها، من 11 سنة، أولويته ومصدر فخره، اتقلبت نقمة لمَّا بدأ يفكر في التبطيل وماحدش كان مصدق إنه هيقدر يعمل ده، "صحابي كانوا بيتريقوا، والمحترم فيهم كان بيقوللي ده رأيي وهيتغير قريب لمَّا مشاكلي في البيت تخلص. ماحدش كان عارف إن فيه شخصية مختلفة ممكن تظهر مني" بيسكت شوية ويكمِّل "أنا نفسي ماكنتش عارف إن الموضوع هيقلب جد وهتغير".

لمَّا وصل لسن الـ 24 كان بدأ يفكر في التبطيل، الفكرة فضلت موجودة بس ماتنفذتش على مرَّة واحدة، محاولة فاشلة وانتكاسة سريعة وبعدين طرد من البيت. بيفتكر أخر مرَّة واللي كملت لحد دلوقتي وبيقول "مش هاقول بقى بيعت دهب أمي وأبويا مات بحسرته والشغل ده، أهلي أساسًا ماكنوش فاهمين أوي أنا بعمل ايه ولما كنت بابقى خربان كنت باسيب البيت شوية وأرجع وأنا فايق عشان مايحصلش لبش. لكن اللي خلاني أخاف إني لقيت كذه حد معرفة بيموت يا أما جرعة زايدة يا أما جرعة مضروبة، وكنت بدأت أتخنق". وقتها خد القرار اللي كمل معاه لحد النهاردة، برغم كل اللي بيشوفه من صعوبات في الالتزام بيه.

المعارف والجيران والصحاب وحتى أهل البيت شايفينه بصورة واحدة ورافضين يغيروها حتى لو كان التغيير للأحسن، "الناس دي كلها مش بس ماسعدتنيش أتغير، لإني ماكنتش مستني منهم مساعدة، لكن وقفوا قصادي. كل حد كان بيقوللي يا عم هترجع، يومين وهنشوفك معانا هنا تاني، شكلك ماعكش فلوس بس. الجمل دي كانت بتحسسني إني طالما ضربت مرَّة لازم أفضل طول عمري أضرب وده كان بيجيب لي كآبة".

المشكلة الأكبر جت في الشغل، "مين هيأمن على فلوسه مع واحد سرق أهله عشان يضرب؟" سأل بطريقة عادية ماتقولش إنه حتى مستغرب المنطق ده، "أنا شايف إن أصحاب المحلات والتجار كان عندهم حق. اللي بيسمع بس إن واحد كان عليه كلام بيبعد عنه خصوصًا في الشغل، ما بالك باللي كانوا شايفينه بقى على حاله ده؟" أكبر عيب للوصمة إنها بتلازم الشخص لحد ما تدخَّله القبر، بنسأل "م.م" يعني الطبيعي ماحدش يشغلك فـ ترجع مدمن عشان ماحدش قابل تغييرك؟ بيجاوب من غير تفكير، "لأ بس مش لازم أفضل مع نفس الناس، أساسًا لو حد قبلني يوم مش هيقبلني التاني وهيفتكروا دايمًا كنت باعمل ايه. الأحسن ليّا وليهم اتعامل مع ناس جديدة ونبدأ على نضافة، أكنك بتزرع زرعة جديدة في أرض جديدة"، وده اللي عمله لمَّا نزل القاهرة وبدأ شغل هنا، وحاليًا خطب وبيطمح لتكوين أسرة. بنسأله "هتقولها؟" بيجاوب -زي الأسئلة اللي فاتت برضه- بدون تفكير، "ماينفعش".

**

سنة 2014 أصدرت مؤسسة نظرة للدراسات النسوية ورقة بحثية بعنوان "الإدمان أيضًا مؤنث"، عن تقرير الخط الساخن للإدمان عن الفترة من 2011 لـ 2013 بيقول إن نسبة المدمنات 3%. وفي 2015 أعلن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، إن معدل الإدمان وصل لحوالي 10% من السكان، وده وقتها كان يُقدر بـ 9 مليون شخص، 72% منهم ذكور و28% إناث.

**

مدمنة يعني مابتقولش لأ

حاجات كتير في مصر أصعب للبنات، منهم الإدمان. بتقول "س.ر" إن كونها بنت صعَّب تجربة إدمانها، سواء وهي بتتعاطى أو وهي متعافية. "في الحالتين كوني بنت بيخلي الموضوع له بعد تاني رخيص، وأنا بتعاطى كان أي حد بيعرف بيبقى شايفني مابقولش لأ، عط بقى أو خيانة لو هو متجوز". بتفسر "س.ر" الرغبة دي بإنها مش جنسية بس، لكن أساسها إنهم شايفنها "تييجي سكة" ومستباحة، "بيقولوا ما هي بتضرب، ليه ماندوسش بقى؟"

يمكن ده كان بيحصل من بيئة معينة منتشر فيها الإدمان، لكن بعد التعافي ليه الموضوع أصعب ليها عشان هي بنت؟ بتجاوب، "نفس فكرة الاستباحة. لو حد عرف إني كنت مدمنة هيفتكر إني عملت كل حاجة غلط بقى، وغالبًا هيستنى مني إني أفضل أعمل كل حاجة غلط". جرَّبتي واتحكم عليكي؟ بترد، "كتير طبعًا. وحتى من غير تجربة، يعني أنا كنت مخطوبة لشاب بيتضايق إني بخرج مع زمايلي في الشغل وبيكون فيهم رجالة وبنتأخر، هاقوله كنت مدمنة؟!" بتضحك وتتوقع رده اللي هيبقى صوت خارج من مناخيره في الغالب. بتكمِّل، "المشكلة مش بس في شريك حياتي، حتى بالنسبة لأهلي هيبقى صعب أصارحهم أكتر عشان أنا بنت، وعشان الوجع والخذلان هيبقى أكبر طالما من بنتهم مش من ابنهم".

**

مصطلح "البيئة الآمنة" معروف للأشخاص اللي بيدوروا على علاج سلوكي ومعرفي سواء في مجموعات دعم نفسي أو في عيادات أطباء صحة نفسية وعقلية، وللمدمنين والمتعافين من الإدمان اللفظ موجود وغالبًا بينتظروا يلاقوه في زمالة المدمنين المجهولة. ملحوظة، تعريف زمالة المدمنين المجهولة باختصار هو "جمعية لا تهدف إلى الربح وتتكون من رجال ونساء مدمنون نتعافى ونجتمع معاً بانتظام لنساعد بعضنا البعض كي نبقى ممتنعين. إنه برنامج للامتناع التام عن كافة أنواع المخدرات وعضويته لا تتطلب إلا شيئاً واحداً وهو الرغبة في الامتناع عن التعاطي". لو مش فاهمه كفاية، افتكر دور "هاني عادل" والجمعية اللي كان بيرأسها في مسلسل تحت السيطرة.

المفترض والمتوقع إن الزمالة تبقى بيئة آمنة للمتعافين، خالية من العنصرية والانتهاك والأحكام، 4 من أصل 5 اتكلمنا معاهم أكدوا إن ده اللي قابلوه في المجموعات اللي حظهم وقعهم فيها، واحدة بس حكت عكس ده.

"ح.م" أدمنت لمدة سنة، وهي في السنة الأخيرة من الدبلومة الأمريكية، بسرعة أهلها اكتشفوا و"لإنهم من مستوى اجتماعي وثقافي معين" -حسب وصفها- قبلوا تتعالج وتكمل مع مجموعة دعم نفسي لمتعافين من الإدمان. "كنت أصغر واحدة في مجموعتي، في الأول كان الموضوع ميزة وكل الموجودين بيبدوا تعاطف معايا وبيشجعوني عشان خدت قرار صح بدري، بعدها بدأ زميل أكبر مني بـ 20 سنة يتحرش بيّا جسديًا". بس موقف التحرش ده ممكن تتعرض له في أي مكان، مدرسة أو جامعة أو شغل، بترد وتقول "ده أكيد، بس لو أنا في مكاني تاني مش هيتم تهديدي إني لو عملتله فضيحة زي ما كنت ناوية، في المقابل هيقول هو إني مدمنة سابقة وده شيء هيضر أهلي بكل المقاييس". بتسكت شوية وبتكمِّل، "لو في مكان تاني كنت هاعرف أتمسك بحقي وماكنش هيبقى عندي إيد اتمسك منها".

**

6 دقون وجوب

الحشيش مُقنن في دول, وكلنا نعرف ناس بتحلف على المياه تجمد إنه مابيغيش العقل، وتجار المخدرات في فيلم الباطنية كانوا بيحللوه مستشهدين بإنه نبات طيب من خلق الله. الحشيش بقى مخرد ولا لأ؟ في القانون المصري يُصنف كمخدر، متعاطيه ممكن يوصل مجموع أحكامه لـ 15 سنة سجن ومن 10 آلاف لـ 50 ألف غرامة.

"أ.م" مدمن هيروين متعافي من 8 سنين، حاليًا بيكتفي بالشيشة كل اسبوع والحشيش يوميًا. له منطقه الخاص اللي مش مقتنع من خلاله إنه الحشيش مش إدمان وإن تعاطيه مايعتبرش انتكاسة. المشكلة بدأت في شغله السابق، "المكتب كان كله سُنيين، وأنا بطبعي مابخبيش اللي كنت فيه، ماحدش له عندي حاجة واللي مش عاجبه الباب يفوِّت جمل، فـ شافوا إن الليلة مش راكبة، مشكلة فـي التانية مديري قاللي احنا 6 دقون وانت لو عليك هتدخل المكتب بجوب. وقتها قررت أسيب الشغل عشان مش من حق حد فيهم ينصب لي محكمة".

**

بعد ما سمعت قصصهم وتخيلت القصص اللي ماقدرتش أوصل لأصحابها، كان السؤال اللي بيدور في بالي هو ليه احنا بنهتم بصناعة إعلانات تشجع الناس على التعافي وبنحتفي بالنجوم اللي بيظهروا فيها لو احنا في الأصل مش مستعدين نتعامل معاهم بعد العلاج؟ ولو شايفين مكانهم المصحات مش وسطنا في المجتمع، ليه مابنقولهمش على بلاطة روحوا موتوا بدل ما نعشمهم بأمل زائف في حياة أفضل بعد التعافي ونرجع بعد ما يتعافوا نعاقبهم على تجارب سابقة؟

**

في مسلسل تحت السيطرة كان المتعافين بيرددوا جملة مشهورة في زمالة المدمنين المجهولين على مستوى العالم، وانتشرت بعدها على الفيسبوك، بيقول الدعاء: "اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها والحكمة لمعرفة الفرق بينهما".

**

خط زمالة المدمنين في مصر -والشغل من 10 الصبح لـ 10 مساءًا- :

 01006979198

01060933888

Home
خروجات النهاردة
Home
Home