• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
زيادة أسعار الأدوات المكتبية 20%
الموضوع اللي فات
9 مسلسلات عربي مش مصري تستاهل تتشاف

"بيعملوا على ابني أبحاث من غير أذني": بيحصل إيه لأطفال التوحد في الحضانات؟

فيه 14 مركز حكومي بس في مصر لعلاجهم

معلومة 1: 2018 هي سنة ذوي الاحتياجات الخاصة.

معلومة 2: حسب إحصائية منظمة الصحة العالمية الأخيرة، عدد المصابين بالتوحد في مصر 800 ألف مصاب.

معلومة 3: مصر فيها 10 مراكز حكومية بس لعلاج الأطفال مرضى التوحد، وتم مؤخرًا افتتاح 4 مراكز إضافية نهارية، فـ بقى المجمل 14 مركز على مستوى الجمهورية، وفقًا لتصريحات الدكتورة إيمان جابر مدير إدارة طب نفس الأطفال والمعاقين بالإدارة العامة للصحة النفسية.

***

جوا أوضة متزينة برسومات كارتون، اللعب متنظمة بعناية شديدة، بالورقة والقلم زي ما بيقولوا. فيه شوكة وطبق وكوباية محطوطين، وكتاب تلوين واحد بس. بتورينا "نغم" تفاصيل أوضة ابنها وصوره اللي في الغالب هتلاقيه مش باصص للكاميرا فيها، وبعدين بتقعد وتبدأ كلام. الرفض من حضانة عادية أو الطرد من حضانة لذوي الاحتياجات الخاصة، مش هما أوحش حاجة ممكن تقابل أهل طفل مصاب بالتوحد. "نغم" الأستاذة الجامعية اكتشفت في زيارة مفاجئة لحضانة ابنها، إن فيه مجموعة طلبة من كلية الآداب قسم علم النفس بيزوروا الحضانة بشكل مستمر وبيقعدوا بالساعات مع طفلها لتحليل سلوكه وعمل مجموعة بحث عليه، بالاتفاق مع الحضانة ومن غير علمها.

"في العادي الحضانة بتمنع الأم من الدخول لغرف التدريس عشان الطفل مايروحلهمش ويتشتت، بس في اليوم ده كان فيه ظرف خلاني أروح آخده بدري. وصلت ورفضوا يطلعوه وبدأوا يأخروني، كان واضح إنهم بيكدبوا وإن فيه حاجة بيخبوها عليّا وده اللي خلاني أفتح الباب بالغصب. أول ما دخلت لقيت ابني على ترابيزة وحواليه 6 أشخاص". فيما بعد اكتشفت "نغم" إنهم طلبة جامعة، وعلى الرغم من صعوبة الموقف، إلا إنه أحسن من توقعات سيئة كتير تخيلتها في لحظات رفضهم لخروج الطفل. "تخيّلت إن الموضوع فيه تحرش مثلًا زي ما بنسمع في جروبات الأطفال ذوي الإعافة، أو إصابة ما خايفين أشوفها، طبعًا فكرة البحث من ورايا برضه مرفوضة وبسببها طلعت ابني من الحضانة واتصلت بكل الأمهات ابلغهم الموقف ده، بس أنا من جوايا عارفة إن البحث ده وغيره هدفه يفيدني أنا وابني واللي زينا".

**

الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت التوحد سنة 2007، وحددت له يوم 2 أبريل للتعريف بيه والتضامن مع المصابين بيه. المرض كانت بدايته سنة 1943، لمَّا أطلق الطبيب النفسى ليو كانر على مجموعة أطفال بيعانوا من العزلة وعدم التواصل مع الآخرين ورفض التغيير وبيلتزموا بالروتين والحركات المتكررة "أطفال مصابون بالتوحد "autism".

**

"م.ج" صاحبة الحضانة سالفة الذكر في شارع فيصل، وافقت تتكلم معانا بشرط عدم إظهار اسمها أو اسم الحضانة اللي فضلت لشهور طويلة مابيجيش ليها أطفال، بسبب "السمعة" اللي طلعتها عليهم "نغم".

بتقول "م" إن ابنها هي نفسها مصاب بالتوحد، وده بيخليها مقدرة شعور الأمهات اللي بتتعامل معاهم، "أنا ابني واحد من الأطفال دول، لا يمكن هاضرهم. بس من غير الأبحاث النفسية والسلوكية اللي بتتعمل، هنفضل في مكاننا، والمرض لسه فيه حاجات كتير احنا مانعرفهاش ومش هنعرفها طول ما الأهالي بترفض تعرض أطفالها للدراسة والبحث السلوكي والمعرفي".

واحنا بنتكلم مع "نغم" قالت إنها عندها معلومات عن تلقي "م" وأصحاب الحضانات التانية لمبالغ مالية مقابل إنهم يفتحوا أبواب حضاناتهم قدام طلاب الأبحاث. الأمر ده نفته "م" بشدة وأكدت إنها مابتكسبش من ورا الأبحاث، لكنها بتفتح باب للمعرفة والاكتشاف اللي هيصبوا في النهاية في مصلحة الأهالي والأطفال.

لمَّا سألناها عن سبب إخفاء الموضوع عن الأهالي، وهل كررت ده مع حد غير "نغم"، قالت إنها عملت ده فعلًا مع عائلات تانية. "الموضوع مافيهوش ضرر على الطفل، هما مابيضغطوش عليه أو حاجة، بيكونوا قاعدين معاه في نفس الأوضة بس بيلاحظوا سلوكه".

**

مرض التوحد فيه منه درجات، بتختلف حسب نسبة وعي الطفل وتفاعله مع اللي حواليه، قدرته على الكلام والقدرة على بناء علاقة مع الآخر، ودرجة إدمانه للأفعال المتكررة. "مي" أم لطفل مصاب بالتوحد لكن بدرجة بسيطة، "ابني بيتكلم لكن الروتينية عنده نسبتها عالية، يعني بيرفض ياكل من طبق غير طبقه ويرفض يلبس غير نفس الطقم، حاجات كده".

نظرًا لظروفها المادية كموظفة حكومة، اترددت على مركز حكومي في القاهرة لمتابعة حالة ابنها، راحت مرة والتانية وفي الرابعة قررت ماتروحش تاني. "العلاج السلوكي والمعرفي تقريبًا ماكانش موجود بسبب الزحمة وعدد الأطفال الكبير، اللي كان بيحصل هو كتابة مهدئات أصرفها ببلاش بس، والمهدئات كانت في الأول بتريحني من الحركة الكتير بس بعد كده بقى يصعب عليّا إني بنيمه طول اليوم".

بعدها اتجهت "مي" للحضانات الخاصة، "بيكون سعرها من 600 لـ 1000 في الشهر، في منطقة عين شمس وجسر السويس، طبعًا لو دخلنا مدينة نصر هيبقى مستوى تاني بس بفلوس مش هقدر عليها".

**

أفادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إنه عدد الأطفال اللي بيعانوا من التوحد سنة 2014 زادوا بنسبة 30% عن سنة 2012.

**

"بعد ما بنتي اتشخصت بالتوحد عرفت إن العباسية فيها عيادة ممكن تستقبلها. لكن خلّينا نكون صرحا، أنا لما بمرض مابروحش مستشفى حكومي، مع إني كبيرة وواعية ومدركة الخدمة اللي بتتقدم لي شكلها إيه بس بخاف على نفسي. هاسلم بنتي غير المدركة لمستشفى حكومي ازاي؟" بدأت "آية" الأم صاحبة الـ 36 سنة كلامها ورجعت بذاكرتها لسنة 2009، لمَّا اكتشفت لأول مرَّة إن طفلتها الأولى، "حنين"، مصابة بالتوحد. بعد لفّ كتير على المراكز الخاصة، استقرت في حضانة خاصة لذوي الاحتياجات في مدينة نصر، تحديدًا في شهر سبتمبر 2010.

بتوصف "آية" الحضانة -اللي رفضت ننشر اسمها- وبتقول: "كانت عبارة عن فيلا من 3 أدوار، فيه دادة خاصة لكل طفل والمدرسة مابتبقاش مسؤولة عن أكتر من 3 أطفال بس، فيه مساحات حضراء واسعة عشان أجسام الأطفال تتعرض للشمس. كان فيها مميزات كتير". وفي المقابل طبعًا تكاليفها كانت عالية، تحديدًا 3000 في الشهر الواحد، بتكمِّل "آية": "كنت بضطر آخد نصهم من أخويا صاحب العمل الحر". بسبب الثورة وحالة الانفلات الأمني اللي تلتها والكساد الاقتصادي، توقفت زيارة "آية" وبنتها "حنين" للحضانة لمدة 3 شهور، ولمَّا رجعت الأمور ماكنتش زي ما كانت. "الإهمال كان أكتر من قبل كده، عدد المدرسات قل عشان معظمهم ساكنين في مناطق بعيدة عن الحضانة والإدارة بقت أضعف. بس لإني عارفة إن الحضانات التانية أصعب اضطريت أكمل والوضع مش عاجبني".

بتكمِّل "آية" بغضب متزايد: "رضينا بالهم والهم مارضيش بينا، كلمتني مديرة الحضانة عشان بنتي رجعت تعمل حمام على نفسها بعد ما كانت اتعودت تدخل الحمام، وقالتلي مش هنقدر نستقبلها أكتر من كده عشان سلوكياتها هتضر الأطفال التانين -اللي هما برضه عندهم توحد-" واتهمت "آية" بإن الانتكاسة اللي فيها بنتها سببها إني قعدتها من الحضانة مدة بدون استشارتهم.

"في حالة زي دي لو أنا في أي حضانة تانية هاقول مش مهم وفيه 100 حضانة تانية، لكن الوضع مع الطفل المتوحد مختلف، وساعات بتضطري تقبلي أسلوب مش عاجبك عشان الخيارات محدودة. وسَّط أمهات أطفال تانيين عشان يكلموا المديرة وفعلًا وافقت على رجوع حنين بس بعد ما أعوِّدها -لوحدي وفي البيت- على دخول الحمام. وصلتلي رسالة ضمنية إن إحنا عدّينا الخطوة دي معاها ومش مشكلتنا إنها رجعت خطوة لورا".

قبل إجراء الحوار بشهر ونص اكتشفت "آية" إصابة ابنها صاحب السنتين ونص بالتوحد، ومش معروف لو السبب وراثي.

***

عشان نفهم التوحد أكتر، هو ضعف العلاقات الاجتماعية عند الطفل وقدرته على التواصل مع اللي حواليه، وبيتم اكتشافه في أول تلات سنين من عمر الطفل. بيصيب 1 أو 2 من كل 100 شخص في العالم، نسبة الإصابة وسط الأولاد 4 أضعاف البنات.

**

زوج "آية" كان بشكل ما داعم ليها ولبنته المصابة بالتوحد، حتى لو بطبيعة الحال الأم كانت هي صاحبة الدور الأساسي في حياة الطفلة. بس ده مش الحال مع كل الأزواج لمَّا يكتشفوا حالة أطفالهم. "صفاء" انفصلت عن جوزها قبل ما يعرف بمرض ابنه الوحيد "عبد الله"، "أنا اكتشفت المرض وابني عنده 4 سنين بسبب فرط الحركة وإنه مابيقدرش يبص في عين حد، وطبعًا مابيتكلمش. روحت مع والدتي لدكتور نفسي أطفال وبلغنا بعد دقايق قليلة بحالة عبد الله". في الأول "صفاء" كانت رافضة تعرَّف أبو طفلها عن المرض، لكن بعد فترة زادت عليها الأعباء المادية، حضانة وأدوية وتحاليل شهرية، ولمَّا بلغت الأب رفض يدفع أي مصاريف زيادة عن المقررة للطفل من المحكمة بناءً على تقديرهم لدخله الحكومي فقط، المبلغ المقرر للطفل 600 جنيه بس.

"لمَّا بيكون عندك طفل ليه احتياج خاص، حياتك بتتقوقع عليه بشكل يمكن بيضره أكتر ما بيفيده، يعني أنا في الأول كنت مهتمة بالفلوس اللي بتييجي من أبوه عشان شايفة إنها هتعجاله، بس تدريجيًا بقيت مش مهتمة، والنهاردة أنا عارفة إن المرض مالهوش علاج، سواء في حضانة أو في البيت، بعلاج أو من غير".

حالة اليأس اللي صابت "صفاء" مش وليدة اللحظة، وفضلت تنمو على مدار 8 سنين، "من وقت ما عرفت إن عبدالله عنده توحد كان 4 سنين، النهاردة هو 12 سنة، لفّيت في الـ 8 سنين دول على أكتر من 30 حضانة، سواء حضانات لذوي الاحيتاجات الخاصة أو حضانات عادية عشان يحصله دمج مع أطفال طبيعيين، يمكن ده يبقى مفيد".

الحضانات العادية كانت بتقبل "عبدالله" لحد ما وصل لسن الـ 6 سنين، وقتها جسمه بدأ يبقى أكبر من جسم زملائه في الحضانة وده سبب مشاكل معاهم ومع أهاليهم، "أكتر من حضانة تكلمني تقوللي عبدالله ضرب فلان، عبدالله بيعمل أصوات عالية وفلانة بتقلده فـ لازم يمشي وتشوفي له حضانة للأطفال اللي عندهم توحد". بتقول "صفاء" إن الحضانات بتبرر موقفها ده بـ "الأحسن لعبد الله، لكن أنا عارفة إنهم بيعملوا كده عشان أهالي الأطفال التانيين مايسحبوش عيالهم".

**

وزارة الصحة والسكان أعلنت مؤخرًا البدء فى استقبال مقترحات المواطنين بشأن تنمية الخدمات الموجهة لأسر الأطفال المصابين بالتوحد، عن طريق تقديم الدعم النفسى والاجتماعى ليهم، من خلال الخط الساخن "08008880700" التابع للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان. الخط الساخن كمان بيستقبل تساؤلات واستفسارات المواطنين، كل يوم من الأحد للخميس، من الساعة 9 صباحًا للساعة 8 مساءً.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home