• اكتب معانا
  • ماتنسناش
  • تابعنا
الموضوع اللي جاي
"حكيم" هيغني "استر ياللي بتستر" مع "ستروماي" في مونديال روسيا
الموضوع اللي فات
تحدي دبي للياقة.. نص ساعة رياضة كل يوم لمدة شهر

«الرقص على السلم» سمة أساسية في روايات أحمد مراد

روايات بقلم مصوِّر حسني مبارك

عشر سنين مرَّوا على دخول "أحمد مراد" عالم الكتابة الأدبية بروايته الأولى "فيرتيجو". من وقت إصدار روايته الأولى ولحد دلوقتي، "مراد" قدِّم لنا 5 روايات بيرجع فيهم بالزمن. بدايةً من الروايات التلاتة (فيرتيجو، تراب الماس، الفيل الأزرق) اللي دارت أحداثهم في العصر الحديث، مرورًا على رواية 1919 اللي تناولت ثورة 19، وصولًا لأرض الإله اللي رجع فيها لعصر البطالمة. قريب هتصدر روايته الأحدث "موسم صيد الغزلان" والله أعلم هيوصَّلنا فيها لأي زمن.

سواء أنت بتحب رواياته ولا شايفها لا تنتمي للأدب أصلًا، ماتقدرش تنكر دوره في جذب قراء كتير من شريحة عمرية محددة لعالم القراءة، مستخدمًا طرق كتيرة منها "الرقص على السلم" علشان يكسب الكل. كذلك ماتقدرش تنكر إسهاماته في نوع معين من الأدب مافيش اهتمام كبير بيه في مصر والوطن العربي، وهو الـ Thriller أو أدب التشويق والإثارة.

قبل ما تشتري روايته الجديدة، أعرف أكتر عن الخمس روايات السابقين ليه:

أرض الإله: الحدوتة الرئيسية اللي بتدور حواليها الرواية هي جريمة قتل الكاهن الأعظم في عصر البطالمة، وسرقة برديات كان بيوثق فيها -سرًا- الأحداث الحقيقية لقصة سيدنا موسى، وخروج بني إسرائيل من مصر. بطل الرواية "كاي" بيحارب طول الرواية عشان يستعيد برديات مُعلِّمه القتيل، لدرجة إنه بيتعرَّض لمحاولات قتل عديدة، وفي وسط الرحلة بيقع في قصة حب كلاشيهية من الدرجة الأولى مع "ناديا" فتاة الليل. في الرواية دي بيقطَّع "مراد"، كعادته، برشاقة وخفّة بين خطين سرد. الحاضر -في الرواية- سنة 1924، والماضي في عصر البطالمة.

على الرغم من تطور لغة "مراد" والجهد المبذول في جمع المعلومات لإخراج رواية بمسحة تاريخية، إلا إن أول 100 صفخة ألشوا من الكاتب وكان الإيقاع فيهم بطيء. بالإضافة لضعف بناء معظم الشخصيات بما فيهم البطل "كاي"، الشخصية الأكثر منطقية في وجهة نظري كانت لـ "موردخاي".

وكعادة الروايات ذات الطبيعية التاريخية الدينية، الرواية اتعرضت للنقض الشديد بسبب بعض المغالطات التاريخية، زي إن فرعون مش من بني إسرائيل، وماغرقش في البحر، وإن سيدنا يوسف هو أمنحوتب العظيم. كل دي مآخذ ممكن الرد عليها بإن الرواية في الأساس هي خلق حدوتة من خيال كاتبها، اللي له مطلق الحرية في تغيير الأحداث وفقًا لرؤيته، فالروايات في الأول والآخر مش مصدر معلومات. لكن في عيوب صعب تبريرها زي إن الشخصيات أحادية الأبعاد، وإن الشخصية النسائية الأبرز "ناديا" اللي طلعت في دور حبيبة "كاي"، كانت كلاشيهية جدًا ونسخة مكررة من "مايا" في الفيل الأزرق و"ورد" في 1919.

الرواية على أي حال خط جديد على "مراد" وعلى الكتُّاب الشباب بشكل عام، والخطوة في حد ذاتها جريئة وتحترم حتى لو لينا مآخذ على طريقة تنفيذها.

1919: الرواية الرابعة لـ "مراد" كانت مفاجأة لكتير من جمهوره لتناوله فيها فترة من أصعب فترات التاريخ المصري، ثورة 1919. من خلال "أحمد كيرة"، "عبد القادر الجن"، "دولت" و"ورد"، حكى "مراد" عن حالة الانكسار اللي سبقت ثورة 19 واليأس اللي كان مٌسيطر وقتها. واستخدم في روايته دي الشخصيات التاريخية كوسائل لخدمة الخط الروائي.

وعلى الرغم من اجتهاد "مراد" في تطوير لغته، إلا إن الحوار، اللي كان عامي، ماكانش مناسب لزمن الأحداث. بالإضافة للهجوم المُعتاد اللي طال "مراد" بسبب ألفاظه الخارجة ومشاهده الجنسية، وإن كانوا للأمانة أقل كتير من رواياته السابقة. في الرواية دي بدأ "مراد" يغير جلده، وده نفس الشيء اللي عمله في أرض الإله. بكده نقدر نقول إنه خلاص ساب خط الفساد السياسي والاجتماعي اللي بنعيشه حاليًا، وقرر يرجع للتاريخ ويشوف هيعرف يطلَّع منه حواديت عاملة ازاي. 

الفيل الأزرق: الرواية التالتة لـ "مراد" هي الأشهر في رواياته حتى الآن بسبب تحولها لفيلم سينمائي حقق نجاح كبير. الحدوتة بتبدأ بـ "يحيى" الطبيب النفسي اللي اعتزل مهنته لسنين ولمَّا قرر يرجع يمارسها اتفاجيء بزميل قديم له متهم في قضية قتل ومطلوب منه إثبات درجة سلامته النفسية والعقلية. من هنا بتبدأ سلسلة من الأحداث المثيرة تتسرسب برشاقة.

الفيل الأزرق هيقدم لك خليط من عوالم الصحة النفسية والعلاج والجن والسحر والشعوذة. وده سبب ليّا وللبعض مشكلة، بسبب إنه ربط بين العالمين بطريقة مباشرة، وأكد صورة نمطية بنسعى بجهد لتغيرها، وهي إن المريض النفسي مش بالضرورة يكون مريض، ممكن يبقى ممسوس بس!

وزي ما هي أشهر أعماله، فهي برضه أكتر رواية اتهاجم بسببها الكاتب. الألفاظ الخارجة، اللغة العامية اللي بتشمل Smiley Faces، المشاهد الجنسية ذات الوصف الدقيق وذكر الخمور والمخدرات بأنواعهم وتفاصيلهم الكتير، كانوا أبرز أسباب الهجوم ده.

بالإضافة لاعتراض البعض على توصيف الرواية بإنها "عميقة" ومحاولتهم لإثبات العكس، عن طريق ذكر أخطاء كتير في بناء أحداث الرواية سببت لخبطة في تسلسل الأحداث لقراء كتير. كمان الإيقاع اللي فلت كتير من "مراد"، خاصة في مشاهد الهلوسة بعد تعاطي البطل لأقراص الفيل الأزرق.

تراب الماس: بسرد سينمائي من الدرجة الأولى، حكى لنا "مراد" حدوتة "طه" الصيدلي عازف الدرامز ووالده القعيد هاوي مراقبة الناس من الشباك، اللي بيتم قتله في ظروف عامضة بيشك فيها الابن. وعليه، بيبدأ يتتبع طرف الخيط اللي هيفتح قدامه أبواب فساد اجتماعي وسياسي ماكانش يتخيل في يوم وجودهم بالحجم ده. حدوتة معروفة ومكررة، الفساد معشِّش وبياكل مفاصل الدولة. في الرواية وضحَّه "مراد" وأبرزه من خلال شخصيات زي "هاني برجاس" و"السيرفيس".

المميز في الرواية كانت الحبكة البوليسية المشوقة، اللي مأفقدتش الرواية المسحة الاجتماعية بتاعتها، لكن شجَّعت "مراد" يدخَّل بشكل صريح أدب الجريمة والإثارة في الأدب المصري الحديث.

الرواية اتهاجمت بسبب تبريرها -زي ما شاف البعض- لاستخدام طرق غير عادلة لتحقيق العدل، بمعنى تاني "حين يصبح القتل أثرًا جانبيًا" زي ما ذكر الكاتب نصًا في روايته. وخلى ناس تسأل عن ماهية العدل، الانتقام والعدالة الغايبة. وكعادة روايات "مراد" اتسمت تراب الماس من قبل بعض قراءه بالجراءة، رقص من خلالها الكاتب على السلم لإرضاء أكبر قدر ممكن من الجمهور. فاستخدم شتايم بس مش كاملة، واستخدم مشاهد جنسية، منها مشهد جنسي لبطل مثلي الجنس.

بالنسبة للغة، "مراد" في روايته التانية تراب الماس اعتمد تاني على اللغة العامية في الحوار، وللأمانة وعلى الرغم من عدم تأيدي للخطوة دي دايمًا، إلا إنها اضافت خفّة للحوار وخلقت جو من المرح خاصةً في حوار "طه" مع صديقه "ياسر". بشكل عام الرواية سببت قلق للبعض من اقتران اسم "مراد" دايمًا بتيمة البطل الشاب المطحون الهاديء اللي بتحوِّله الظروف لبطل مطلوب منه يجيب حق حبيب له اتقتل. لكن مع عمله التالت هو خرج من عباية أول روايتين ليه تمامًا.

فيرتيجو: المؤلف يترك جزء من روحه في عمله الأول. ده ظهر في "فيرتيجو" أولى أعمال "مراد" وفي "تراب الماس" تاني أعماله. الأولى من خلال وظيفة بطل الرواية "أحمد كمال"، التصوير، وهي نفسها وظيفة "أحمد مراد". وفي "تراب الماس" من خلال تفاصيل كتير، زي تاريخ ميلاد "طه" بطل الرواية، اللي هو نفسه تاريخ ميلاد "مراد".

الرواية بتدور حوالين "أحمد كمال" المصور المغمور الهاديء صاحب النظارات الطبية اللي بيشتغل طول اليوم، وغير مهتم ولا متابع للي بيحصل حواليه، بس حظه السيء بيخليه شاهد على جريمة قتل صديقه وآخرين من علية القوم في بار. تدريجيًا بيبدأ يتحول لنسخة أكثر شراسة من نفسه وبيقرر ينتقم لصاحبه بمساعدة ناس هيتعرف عليهم من مختلف الأوساط، الرقاصة، البار مان والصحفي. "مراد" مانسيش خط الحب اللي ظهر في نص رحلة "أحمد" وانتهى نهاية سعيدة وبسيطة.

بس بما إنها أول أعمال الكاتب، الإيقاع كان فيه خلل واضح. أحداث بطيئة وفيها مط في الجزء الأول من الرواية، وفجأة بيدرك الكاتب وقوعه في الخطأ ده فيقرر يسرَّع الإيقاع و"يكروت" النص الباقي والأهم. الحوار مش بس كان عامي ويحوي محاولات تنكيت كتيرة دمها تقيل، لكنه اتسم في أوقات كتير بالبركاكة والإسهاب في تفاصيل مش مهمة في سياق الأحداث. الإسهاب ظهر في وصف الأماكن كمان، وفي لحظات هتحس إنه بيوصف مشهد لفيلم سينما مش حدوتة رواية. الإيحاءات والألفاظ الخارجة ماكانتش كتير زي رواياته التانية، بس تظل موجودة بنسبة ما. في نهاية الرواية هتحس إن الحدوتة والحبكة مش جداد عليك، يمكن لإن دي الأحداث اللي محوطاك بالفعل وعايش فيها.

فيرتيجو هي أكتر رواية حواليها أسئلة من وقت صدورها. الغريب فيها إنك هتلاقي نفسك، قبل الثورة بأربع سنين، قدام رواية مأخوذة عن أحداث واقعية -حادثة أركاديا سنة 2001- بتسلط الضوء على فساد السياسين ورجال الأعمال، بس الأغرب إنها مكتوبة بقلم واحد من مصوري حسني مبارك! وعلى الرغم من نقدها الواضح للفساد السياسي وقتها، إلا إنها كانت محاولة أشبه بالرقص على السلم لإرضاء الكل. نقد أشبه باللي شفناه في أفلام "نبيلة عبيد" ذات الطابع السياسي، أفلام سقفها هو الرئيس، "الرئيس كويس بس اللي حواليه وحشين". دي رسالة النوع ده من الأفلام، ويمكن تبقى دي رسالة الرواية وسبب مرورها مرور الكرام. 

قبل ما تقرا "موسم صيد الغزلان" خد بالك من النقط دي وشوف لو "مراد" هيكررها في روايته الجديدة:

*في فيرتيجو من خلال "عمر" وتراب الماس من خلال "ياسر"، اعتمد الكاتب على صديق البطل الوفي الطيب اللي بيشجعه على الصح لكن في نفس الوقت جبان. تيمة الصاحب الجدع السمين العاشق للجنس الآخر من أكتر التيمات اللي بيستخدمها الكاتب.
*البطل اللابطل، عادةً روايات "مراد" بيبقى بطلها شاب غلبان من عامة الشعب، الظروف أجبرته يبقى بطل، ده حصل مع "أحمد" في فيرتيجو و"طه" في تراب الماس و"كاي" في أرض الإله. وخرج عنه "مراد" نوعًا ما من خلال شخصية "يحيى" بطل الفيل الأزرق و"أحمد كيرة" في 1919.
*الحدوتة عند "مراد" بتبدأ بمشكلة -غالبًا جنسية- يتبعها دخول أفراد غير معنين بالمشكلة في الأساس، وتبدأ الخيوط تتشابك والعقدة تتكون.
*فقد الأحبّة واعتبار دي النقطة الفاصلة للبطل هي تيمة تانية رئيسية عند "مراد" اتكررت في فيرتيجو وتراب الماس والفيل الأزرق وأرض الإله.
*حل اللغز دايمًا موجود في كتاب. بدايةً من طيات كتاب في صندرة "حسين الزهَّار" في تراب الماس، وصولًا لكتاب الجبرتي في حوض سمك "يحيى" والكتاب التاني في محل "ديجا" في رواية الفيل الأزرق. بالمناسبة امتلاك شخصية زي "يحيى" لكتاب الجبرتي حتى لو مرمي في حوض سمك، كان شيء لافت للنظر ويدعو للحيرة.

اتفقنا او اختلفنا حوالين روايات "مراد" هنفضل برضه نستناها سواء بشغف أو بفضول، والأكيد إن الشعور الوحيد اللي مش هيصاحبك أيام قرايتك للرواية هو الملل. تبادل الآراء والـ reviews هي وسيلة القراء الأمثل لتوصيل التغذية الرجعية للمؤلف وتوجيهه في المستقبل لتقوية نقط الضعف وتحسين المستوى، بعيدًا عن حجم المبيعات والاحتفاء الأعمى.

Home
خروجات النهاردة
Home
Home